لو عدنا 76 سنة إلى الوراء، لنتذكر: "8300 جندي سعودي حاربوا بشرف الجيش الإسرائيلي المكون من 31600 جندي بعد اشتباك ومحاصرة للجنود السعوديين لمدة أربعة أيام، صمد فيها وانتصر الجنود السعوديون الذين أنهكوا اللواء الإسرائيلي من خلال حرب شوارع ذكية وانتهت المعركة بأسر 476 جنديا إسرائيليا و1784 شهيدا من الجنود السعوديين.
حدث هذا في معركة عين خفر قرب قناة السويس عام 1948 التي خاض فيها الجيش السعودي معركته في حرب فلسطين، وهناك معارك أخرى لا يسمح الوقت بشرحها أكثر، هذا وأكثر ما وجدته في مصادر مختلفة ومتناثرة أسعدني جمعها والتفصيل عنها في كتاب "الجيش السعودي في حرب فلسطين 1948" للكاتب الباحث محمد ناصر الأسمري، يشرح الكتاب قصصا بطولية لجنودنا وشهدائنا السعوديين في صورة رائعة ومبهرة، استعرضت بفخر أسماء الشهداء وتخيلت بطولاتهم وتألمت أن هذه البطولات لطلائع جيشنا السعودي لا تعيش في ذاكرة أبنائنا وبناتنا، لأننا لم ندخلها إلى ذاكرتنا البصرية أصلا.
تغيب هذه الأحداث التي تستحق فخرنا كليا عن المشهد البصري التلفزيوني الموثق الذي أصبح أرشيف الشعوب، إلا أنه ما بين الحربين "فلسطين" وزير دفاعنا آنذاك الأمير منصور بن عبدالعزيز و"عاصفة الحزم" ووزير دفاعنا الهمام محمد بن سلمان تبدو ذاكرة الفخر بجنودنا تنتعش بفرح واعتزاز لحظي، لأنها توثق لحظيا فنرى كل يوم ما يحدث في إيجاز حقيقي يتوافق مع ثقافة العصر التي تؤمن وتتأثر بالصورة، وكم أتمنى ويتمنى كثيرون من وزير دفاعنا الأمير الشاب، أن يتم تحويل قصة هذه الكتيبة السعودية التي حاربت في فلسطين إلى مشروع إعلامي يحفظ نضال جنود الجيش السعودي، ليرى الجميع أن فلسطين قضيتنا منذ اللحظة الأولى، فالمزايدات التافهة التي يتاجر بها أصحاب الشعار الصوتي الفارسي حول دور بلادنا تجاه القضية الفلسطينية، أصبح محط استهزاء حتى من شعوبهم، فالجيش العربي السعودي وقف وساند القضية الفلسطينية بدماء جنده المخلصين منذ عام 1948، وجيشنا العظيم ليس صناعة البارحة، بل هو تاريخ من الصدق والعمل والبناء لا يمكن أن ينكره أحد، وما هو عليه الآن من قوة بفضل الله ثم بالتخطيط والتطوير والتدريب الذي لم يتوقف منذ أن تأسست لبلادنا على يد الملك عبدالعزيز، رحمه الله، مستعيدا هذا الملك الملهم حكم وأمجاد أجداده البناة الأوائل منذ الدولة السعودية الأولى، وليعلم الجميع أن أرض القبلة الأولى تكره أصوات الكاذبين.
هذا المشروع سينقل إلى العالم بوسيلة اتصال مؤثرة ومختلفة كيف أن الملك المؤسس وأبناءه الأوفياء يؤمنون بنهج واحد، أننا دولة سلام ولكننا في الوقت نفسه قوة رادعة لا تسمح لكائن من كان أن يهدد حدودها وأننا نجير من يستجير بنا من جيراننا مهما كانت الظروف.