تصرِف إيران جزءا كبيرا من ميزانياتها لتمزيق بلاد العرب، فضلا عن نشرها للطائفية البغيضة فيها. وبكل ثقة نحن مسالمون داعون إلى الحوار، نطالب بكف شرها، ودرء خطر الفكر الذي تبثه، هذه مفاهيمنا وتوجهاتنا معها، استمر هذا طويلا. حتى انطلقت عاصفة الحزم بهذه القوة والإجماع العربيين، وتعبيرا عن نفاد الصبر، الأمر الذي بدل كثيرا من المفاهيم والتجاذبات السياسية في المنطقة، وجعل المطالب الشفهية من الماضي، نحسب أننا لن نعود إليها.

قوة عاصفة الحزم وتأثيرها جديران بألا تعيدنا إلى أن نكون الطرف الذي يتلقى الضربات ومعها انتظار الخطوات المستقبلية لإيران لتكون مهمتنا بعدها إصلاح -أو محاولة إصلاح- ما تفسده.

مبادراتها الإفسادية ستكون من الماضي، فآلية العمل العربي بدأت تعرف نضجا أكبر بعد زيف الربيع العربي والتمدد الطائفي وسطوة الإرهاب. وعليه فإنه من منطلق البحث عن السلام وسحب المنطقة إلى مرحلة من الهدوء والراحة من العبث، فلا بد أن نتجه إلى مكمن وجحر المفسد كي نأخذ على يده، وإن لزم نضربها كي يرتدع.

هنا، لا نطالب بأن نشن حربا شعواء على طهران، بل نعمل مثلما تعمل وبرقي أكثر من حيث أن ندعم كل حركات التحرر التي تحاول أن تدوس عليها وتقمعها داخل إيران، فهناك من ينتظر المدد والعون كي يطالب بحقوقه وأرضه، بل وحرياته وكرامته.

جماعات كثيرة سلبتها إيران حقوقها وقمعتها سياسيا ومعيشيا، تريد الحرية وأن تتنفس هذه الحرية حتى لو دفعت النفس مقابلها؟

المال والعتاد العربي جديران بأن يفعلا ذلك، وإذا ما تهيأ فلتسابقنا إيران في مضمار تجييش الشعوب على حكوماتها، ولتختبرنا بعد أن فشلت في تحقيق ذلك خليجيا، حتى لو أدمت البحرين، وحركت أذنابها في المنطقة، سترى ما سيفعله الأذربيجانيون في الشمال، وهم الذين ينظر إليهم الفرس على أنهم عرق أقل، ويضطهدونهم اقتصادا وتعاملا، وستطّلع على ما لدى أشاوس الأحواز وهم الذين يتمنون مددا ولو يسيرا لأجل أن يعودوا إلى سيرتهم الأولى، بلدا مستقلا بعيدا عن السطوة الفارسية.

التوتر العرقي والطائفي يستفحل في إيران، والبراكين التي على شفا الانفجار تنتظر من يحرك نارها الداخلية، كي تقذف بحممها في وجه الطائفي الداعي إلى الكره والتشرذم. الأمر ليس صعبا والإمكانات حاضرة، والأهم أن المنتظرين المتطلعين للانفكاك من السطوة الإيرانية موجودون، فقط علينا أن نعمل على دعمهم لأجل أن نعامل الفكر الفارسي بالمثل. أو ليست السن بالسن والجروح قصاص؟!

نعم، لقد أشغلتنا إيران عقودا طويلة، وأصبحت كالغصة التي ما تلبث أن تعود بألم جديد وجريمة جديدة. تتنقل بين لبنان وسورية، ومن ثم العراق فاليمن، وتنفث سمها في الخليج، ونحمد الله أن قيض للبلد الكبير مصر من ينقذها من شرها، لا سيما وأنها قد وجدت موطئ قدم فيها بسبب المتخاذلين. يحدث هذا رغم أن إيران تعيش عزلة اقتصادية، لكن هل ننتظر أكثر وقد تحررت الآن من هذه العزلة بعد الاتفاق النووي مع الغرب.

علينا أن نجعل إيران تنشغل بنفسها وبمكوناتها المتباينة. نحاربها من داخلها، وإلا فلننتظر كثيرا لأنها لن تتوقف عن إشغالنا ببعضنا، وهي تتفرج ضاحكة من قريب!