في البدء نعتذر للعالِم والمفكر العراقي الدكتور علي الوردي "رحمه الله"، عن التغيير في عنوان كتابه الشهير "شخصية الفرد العراقي"، لأنه في ظل الوجه القبيح الذي بدأت تظهر به الحكومة العراقية الجديدة التي ثبت أنها على خطى الجزار الطائفي المالكي، فالعنوان ملائم جدا، لأن عملية قتل ومجازر بحق أهل السنة في العراق بحجة ملاحقة "داعش" تحدث وأمام أعين العالم جميعا!

لن نبني الأمر على توقعات وصيحات متناثرة، بل إن بعض الشيعة في العراق كما هو التيار الصدري، قد أكدوا الانتهاكات والمجازر وطالبوا بوقفها، فضلا أن تقارير حقوقية موثقة من منظمة العفو الدولية التي أعلنت صراحة أن هناك مجازر تحدث لأهل القرى والمحافظات الآمنين ليست إلا لأنهم من أهل السنة!، ومن يفعل ذلك هو الحشد الشعبي بدعم وحضور إيراني، وهو الذي أطلقه العبادي، فكانت مجازر طائفية على غرار ما يفعله الأسد بالشعب السوري، إلا أنها في العراق تصور علانية وبشعارات ونداءات طائفية يحملها أصحابها على رؤسهم وعلى عرباتهم.

تم إبادة الكثير من أهل السنة من قبل ما يسمى الحشد الشعبي عبر إعدامات عشوائية، في كثير منها وعبر التسجيلات الموثقة هي لتسلية المتعصبين الطائفيين، لكن تظل المصيبة الأكبر أن حكومة حيدر العبادي تدعمهم بالمال والسلاح والفتوحات التي تسبق وصولهم من قبل جيشه، وأيضا لا نأتي بشيء من عندنا فيما يخص العبادي، فحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية هي من وقفت على مشاركته في ذلك.

والمشكلة الأكبر أن العالم خاطب العبادي وطالبه بإبعاد هذه الميليشيات الطائفية، لكن لا حياة لمن تنادي، فالمتمسكن الذي حضر بعد المالكي ظهر أنه أكثر طائفية منه، وليكون كلاهما: "وجهان لطائفية مقيتة واحدة".

ما يحدث الآن في العراق ليست جرائم حرب، بل تجاوزتها إلى اعتداء على الإنسانية برمتها، وكأن العبادي وميليشياته قد أرادا انتقاما تحت وطأة الجيش، وهنا وعبر هذه المجازر، ابحث عن إيران؟! والأكيد أكثر أن صدى ما يحدث سيجر البلاد إلى حرب طائفية ستأتي بويلات على البلاد والعباد، يحدث هذا والأمم المتحدة تؤكد عبر أمينها بان كي مون ما يحدث، بل إن حضوره إلى العراق الأسبوع الماضي كان لأجل ذلك، ولمواجهة الحكومة العراقية بمآسيها، لكن لم يكن عليه إلا القلق رغم أن جزءا من العالم يموت بسبب الطائفية المقيتة.

أميركا وأوروبا مشغولون بالملف النووي الإيراني، وإيران تستغل مثل ذلك، لتكون عبر قوات الباسيج التي ألبستها الثوب العراقي وتحت الإدارة المباشرة لقادتها والعبادي، تنتهك كل مقومات الإنسانية. وكأننا بالتطهير العرقي الذي حضر في رواندا منتصف عقد التسعينات من القرن الماضي قد عاد من جديد وبحلة طائفية تستمتع إيران ومعاونوها من التندر بكيفية سحلهم وقتلهم.

أهل العراق يناشدون كل شرفاء العالم التدخل لوقف المجازر الطائفية بعد أن ملّوا قلق بان كي مون، ومجاملة أوروبا وأميركا لصانع المجزرة -إيران- لأجل الوصول إلى اتفاق نووي. ونؤكد أن رواندا أخرى تطل برأسها من جديد في العراق، ما دام الحقد الطائفي يحمل السلاح والسلطة ودعم الجار الجائر.