مع تزايد إثارة القضايا العالقة بين الأندية واللاعبين السعوديين واتحاد كرة القدم ولجانه وتوجه البعض من الطرفين الأولين إلى محكمة التحكيم الدولية (كاس) بمدينة لوزان السويسرية، وهي الخطوة التي دائماً ما تواجه من قبل اتحاد اللعبة بالرفض، أصبح قرار إنشاء محكمة رياضية سعودية أمراً حتمياً، خاصة بعد إنشاء غرفة فض النزاعات التي توقع الشارع الرياضي أن تلعب دور المحكمة، بيد أن المختصين أكدوا الفرق الكبير بينهما، فالمحكمة هي أعلى سلطة قضائية في الرياضة وقراراتها نافذة وملزمة التنفيذ حتى من قبل اتحاد القدم نفسه، فيما تختص غرفة فض النزاعات باللاعبين المحترفين ووكلائهم وأنديتهم فقط وتسعى لحل القضايا العالقة بين تلك الأطراف، إلا أن قراراتها لا تكون نافذة على الاتحاد، وهو ذات الدور الذي كانت تلعبه لجنة الاحتراف.
ويرى المحامي والكاتب الرياضي، محمد الدويش، أنه من المفترض أن تكون المحكمة الرياضية تحت مظلة وزارة العدل لا مظلة الاتحاد السعودي لكرة القدم، وقال "المحكمة الرياضية الدولية (كاس) مستقلة وليست تحت مظلة الاتحاد الدولي لكرة القدم (فيفا)، بل على العكس تماماً فهي تحكم في قضايا عديدة مرفوعة ضد (فيفا) نفسه، وهناك سوء فهم لدى الكثيرين ممن يعتقدون أنها تحت مظلة الأخير، والصحيح أنها مستقلة تماماً ولها ميزانيتها الخاصة ولا علاقة لها إطلاقا بـ(فيفا) ومعظم قراراتها ضده، ولذا يفترض أن يكون لدينا محكمة رياضية مستقلة غير تابعة لرعاية الشباب".
وأشار إلى الخلط الحاصل أيضا بين المحكمة الرياضية التي يطالب بها الكثيرين وبين غرفة فض المنازعات التي أنشئت أخيرا، قائلا "غرفة فض المنازعات فقط تختص بحقوق اللاعبين وهذا ما ذكره رئيس لجنة الاحتراف، الدكتور عبدالله البرقان، أما المحكمة الرياضية فهي تحكم في كل القضايا الرياضية، سواءً في كرة القدم أو غيرها، وتتعلق بإداريين أو لاعبين أو مدربين ، وبمقدروها أن تحل اتحاد لعبة أو إدارة ناد معين".
واستشهد الدويش بقضية لاعب الأهلي السابق والاتحاد حاليا ، سعيد المولد، وقبول محكمة (كاس) لها، مؤكداً أن الأخيرة قبلت قضية اللاعب لعدم وجود محكمة رياضية في السعودية، مضيفا "من شروط الذهاب لمحكمة (كاس) استنفاذ كافة درجات التقاضي في السعودية، وهو ما استند إليه محامي اللاعب الذي أوضح بأنه لا توجد محكمة رياضية في السعودية يلجأ لها اللاعب وأن من أصدر القرار مجرد لجان ، ولذا قبلوا القضية دون انتظار موافقة اتحاد كرة القدم، لأن الأخير رفض منح اللاعب ومحاميه موافقته اللجوء إلى محكمة (كاس)، وهو ما استغله المحامي وقبلت القضية وهي منظورة هناك الآن"، مؤكدا بأن عدم إنشاء محكمة رياضية في السعودية "سيفتح الباب لتصعيد القضايا السعودية إلى المحكمة الدولية".وأوضح الدويش " كان الجميع في السابق لا يدرك بأن هناك طعن في عدم وجود محكمة رياضية لذلك لا يحتاج إلى إذن الاتحاد السعودي للذهاب إلى محكمة الكاس، ونتذكر قضية نادي الوحدة عندما رفض الاتحاد السعودي لكرة القدم توجههم إلى (كاس)، ولم يستغل محامي الوحدة الطعن لعدم وجود محكمة رياضية لدينا، والآن اتضحت الصورة وستقبل (كاس) أي قضية رياضية سعودية دون الحصول على موافقة اتحاد اللعبة".
مختتما بالإشارة إلى أن النظام الأساسي في الاتحاد السعودي لكرة القدم ينص على إنشاء محكمة رياضية، كما ورد في المادة 62 والتي جاء في الفقرة الثانية منها "كل النزاعات في الوسط الرياضي تقدم إلى هيئة التحكيم الرياضي في المملكة، ممثلة في المحكمة الرياضية وهي لم تنشأ"، موضحا أن المحكمة ستكون لكل الرياضات السعودية وليست لكرة القدم فقط، ولذلك لاعلاقة لاتحاد كرة القدم بها، مؤملا من الرئيس العام لرعاية الشباب التفاهم مع وزارة العدل لإنشائها وبشكل عاجل.
من جهته، لم يختلف المحامي، عمر خولي، مع مطالب الدويش، بشأن ضرورة وجود محكمة رياضية سعودية تبت في القضايا الرياضية في جميع المجالات، وخاصة كرة القدم التي تشكل النصيب الأكبر من القضايا الرياضية ، بيد أنه أشار إلى عدم الممانعة في أن تكون إدارياً تحت مظلة الاتحاد السعودي، مشترطا أن تكون مستقلة في أحكامها وأن تكون نافذة حتى على الاتحاد نفسه وأن لا تتعرض لأي ضغوط، مضيفاً "لا تكون هذه المحكمة تحت مظلة وزارة العدل وإنما تحت مظلة الاتحاد السعودي لأنه ورد في النظام الأساسي الإشارة إلى المحكمة الرياضية"، مضيفا "إذا كانت تحت مظلة وزارة العدل ستأخذ منحى آخر".
وأبان خولي، أن الاستقلالية المقصودة "استقلال الأشخاص والحكم، أما الإداري فلا يمنع أن تكون تحت مظلة الرئاسة العامة لرعاية الشباب كجهة إدارية ولكن قراراتها لا تخضع لأي تأثير من أي طرف آخر"، مشددا على أن وجود المحكمة الرياضية "شاملا لكافة القضايا الرياضية ولكنها لا تلغى دور لجنة الانضباط أو أي لجنة أخرى؛ لأن المحكمة تفصل في الجانب القضائي وفي الخصومات، فيما تعمل هذه اللجان في الجانب الفني".