يقصف المتمردون الحوثيون، بمعاونة عسكريين موالين للرئيس المخلوع، علي عبدالله صالح، بمختلف أنواع الأسلحة مدينة عدن المعروفة بمدنيتها وميل أبنائها الشديد للسلم والهدوء.

وعلى مدار الأيام الماضية، تصب الأسلحة الثقيلة التي بحوزة الانقلابيين، قذائفها على المنازل والأحياء السكنية في مدينة عدن، في محاولة حثيثة منهم لإخضاعها لسيطرتهم، كونها العاصمة المؤقتة للرئيس الشرعي عبدربه منصور هادي.

ما دفع أبناء عدن للمرة الأولى إلى حمل السلاح، والوقوف بحماس وصلابة في وجه صلف وعدوان الحوثيين الذين لم يفرقوا بين صغير ولا كبير، وتمكن شباب عدن بخبراتهم البسيطة من صد هذا الهجوم، ونجحوا في إيقاف أي تقدم لهم على الأرض.

وقالت مصادر محلية لـ"الوطن" إن اشتباكات عنيفة اندلعت بين اللجان الشعبية الموالية للرئيس هادي، وبين المسلحين الحوثيين في حي السعادة بخور مكسر على ساحل أبين، وحي دار سعد بعدن. وإن قصفاً عنيفاً رافق هذه الاشتباكات وتركز على منازل المواطنين من منطقة "المدينة الخضراء" التي يتمركز فيها الانقلابيون. كما احتلوا المنازل التي نزح منها ساكنوها وجعلوا منها ثكنات عسكرية.

ويقول أحد أبناء عدن "أسبوع كامل ونحن نعيش هذا الوضع، الجثث في الشوارع، والجرحى يملأون المستشفيات التي تفتقد هي الأخرى للمواد الطبية التي تمكنها من مساعدتهم، هناك وضع إنساني حرج بسبب هذا الاعتداء".

ويقول الصحفي سمير حسن إن شباب عدن يشاركون في حمل السلاح وتموين جبهات القتال للمقاومة الشعبية بالغذاء والدواء، كما يزورون الجرحى والمصابين.

من جهة ثانية، نعى مواطنون في عدن، ضحايا من أقاربهم، غالبيتهم شبان مدنيون عُرف عنهم الرغبة في التعليم ورفض ثقافة العنف والقوة، لكنهم دُفعوا مجبرين إلى الحفاظ على مدينة "الحب والسلام"، كما يحبذون تسميتها.

ويروي الناشط علي الأحمدي قصته مع أحد أبناء عدن قبل أن تغتاله رصاصات من وصفهم بـ"الخونة"، وكيف خرج للدفاع عن مدينته، وسعى بكل قوته إلى مساعدة ساكنيها، وبث الأمن والاستقرار في ربوعها.

ليس هذا فحسب، فشبان هذه المدينة يتبادلون المهمات، ويُشكل آخرون منهم خط إمداد وتموين للمقاتلين عن مدينتهم. حيث أسس ناشطون منهم مبادرة تحت مسمى "لأجلك يا عدن"، تهدف إلى مساندة اللجان الشعبية والمقاتلين الذين يحمون المدينة.

وأنشأ الناشطون صفحة للمبادرة على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، وينظمون من خلالها عمليات دعم وتبرعات لتقديم وجبات غذائية أو مواد طبية أو حملات تبرعات بالدم والتطوع للإسعاف والوقوف إلى جانب المقاتلين.

وتمتلئ مواقع التواصل الاجتماعي بعبارات المديح والإشادة بهذا الصمود الأسطوري لأبناء عدن، في وجه قوة همجية لا تعرف سوى لغة السلاح والإرهاب، وتستميت لإسقاط المدينة وترويع أهلها العزل إلا من حبهم لمسقط رأسهم.