انطلقت صباح أمس جلسات الندوة العلمية عن تاريخ الملك فهد بن عبدالعزيز - رحمه الله - في مركز الرياض الدولي للمؤتمرات والمعارض بمحاور مهمة عن جهود الملك فهد في خدمة الإسلام والمسلمين عبر إنشاء المؤسسات الدعوية داخل المملكة وخارجها، ودعم الأقليات المسلمة في شتى بقاع العالم، والعناية بالأوقاف والحرمين الشريفين وتوسعتهما، إضافة إلى السياسة الخارجية في عهده ودوره في حل الأزمات، وحرصه الدائم على قضية العرب المركزية وهي القضية الفلسطينية.

وترأس الدكتور علي النملة وزير الشؤون الاجتماعية الأسبق  الجلسة الأولى التي تضم أربع ورقات عمل متخصصة في جهود الملك فهد بن عبدالعزيز لخدمة الإسلام والمسلمين وكل ما يتعلق بهذا الجانب، فتحدث في البداية محمد ناصر العبودي عن جهود الملك فهد في تحقيق التضامن الإسلامي امتدادا لدور المملكة منذ تأسيسها على يد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - في تقوية العلاقة والتعاون بين المسلمين، لافتا إلى أن المملكة على الدوام عامل تضامن وتآلف بينهم، حتى تضاعفت هذه الجهود أضعافا كثيرة، ووصلت إلى كل ركن من أركان العالم في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز بإنشاء المراكز الإسلامية في قارات العالم تدار على نفقة الحكومة السعودية.

وتطرق الدكتور محمد عبدالهادي دسوقي علي "مصر" إلى إنشاء المؤسسات الإسلامية الدعوية داخل المملكة وخارجها مثل الجمعيات والمعاهد والكراسي العلمية والمدارس والمراكز، وعقد الملتقيات الإسلامية، وإقامة المسابقات القرآنية لدعم نشر القرآن الكريم والسنة المطهرة.

وفي الورقة الثالثة "دعم الملك فهد بن عبدالعزيز لمسلمي البوسنة والهرسك"، أشار الدكتور هناء يونس "البوسنة والهرسك" من معهد التاريخ بسراييفو إلى دعم واهتمام الملك فهد بقضية مسلمي البوسنة والهرسك وانعكاسات ذلك على أرض الواقع وفي كل المجالات، ومتابعته الأوضاع الإنسانية والاجتماعية لهم، والوقوف ديبلوماسيا مع قضيتهم في المجتمع الدولي، كما يرصد البحث ملامح رؤية المجتمع والإعلام البوسني لإسهامات الملك فهد.

وختمت الجلسة بورقة عن "المناشط الدعوية الخارجية في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز" قدمها الدكتور ماجد محمد الماجد "السعودية" ألقى فيها الضوء على توجيهات الملك فهد المستمرة، وإنفاقه الشخصي على بناء بيوت الله، واستقرأ معالم رسالة المملكة في نشر دعوة الإسلام والمؤسسات الحكومية وغير الحكومية العاملة على هذه الرسالة الإسلامية الخالدة.



العناية بالأوقاف

وانطلقت الجلسة الثانية بعد صلاة الظهر برئاسة الدكتور محمد  العوفي الأمين العام لمجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف في المدينة المنورة، وتابعت أوراق الجلسة الأربع توثيق ما قام به الملك فهد في سبيل خدمة الإسلام والمسلمين، بدءا بورقة عمل الدكتور مساعد الحديثي وكيل وزارة الشؤون الإسلامية للبحث العلمي الذي قدم نماذج عن جهود الملك فهد في العناية بالأوقاف وتطويرها سواء كانت داخل المملكة أو خارجها.

وقدم الدكتور محمد زين العابدين رستم عضو هيئة التدريس بشعبة الدراسات الإسلامية في جامعة السلطان مولاي سليمان بالمغرب ورقة عمل عن "عناية الملك فهد بن عبدالعزيز بالقرآن الكريم من خلال تشييد مجمع طباعة المصحف الشريف بالمدينة المنورة"، رصد فيه الآثار الدعوية والإسلامية لنشر القرآن الكريم.

وتحدث محمد الموجان من فرع وزارة العدل بمكة المكرمة عن عناية الملك فهد بالكعبة المشرفة، ورصد بالوصف الأعمال المعمارية في الحرمين الشريفين في عهده، منها ترميم الحجر الأسود، وترميم جدران الكعبة من الخارج، ثم الترميم الكامل للكعبة المشرفة وغيرها من الأعمال.

وعرّج على مصنع كسوة الكعبة من حيث تاريخه وتطوره الإداري ودوره في خدمة الكعبة المطهرة خلال أكثر من ثلاثة عقود.

وانتهت الجلسة بورقة للدكتورة بركة مضيف الطلحي من وكالة الرئاسة العامة لشؤون المسجد النبوي في المدينة المنورة، أوضحت فيها أثر توسعة الحرم النبوي الشريف على الجانبين العلمي والثقافي في الحرم، وانعكاس هذه التوسعة المباركة على تعليم كتاب الله تعالى وتفسيره وتعليم السنة النبوية الصحيحة وعلومها.



السياسة الخارجية

وخصصت الجلسة الثالثة برئاسة الدكتور صدقة يحيى فاضل للحديث عن السياسة الخارجية للملك فهد بن عبدالعزيز، ومعالمها والأدوار على أرض الواقع لهذه السياسة التي تعتمد على نصرة الحق والاهتمام بالتقارب العربي وتنقية الأجواء العربية.

وبدأت الجلسة بورقة عمل للدكتور عبدالرحمن العرابي عن "دور الملك فهد بن عبدالعزيز آل سعود في تحرير دولة الكويت من الغزو العراقي.. قراءة تحليلية" تحدث خلالها عن حنكة الملك فهد وحكمته السياسية في حل القضية واتخاذ القرار المناسب حتى تحرير الكويت من الغزو الغاشم، كما رصد العرابي تداعيات هذا الغزو إقليميا ودوليا.

وفي القضية ذاتها ومن زاوية أخرى، قدم الدكتور محمد عبدالرحمن الشيحة استقراء للخطاب السياسي للملك فهد في حل الأزمات.. أزمة الغزو العراقي للكويت أنموذجا، استنبط من خلاله عناصر الوضوح والشفافية لهذا الخطاب السياسي، مستعرضا نماذج منه ومقارنا بينه وبين الخطابات السياسية الأخرى.

وحول أهم القضايا العربية والإسلامية "قضية القدس الشريف" خصص الدكتور فتحي الدرادكة "الأردن" بحثه الذي حمل عنوان: "دبلوماسية الملك فهد بن عبدالعزيز تجاه القدس الشريف"، وقدم تحليلا تاريخيا لمحاور الديبلوماسية التي انتهجها الملك فهد تجاه القدس داخل المملكة وفي البعدين العربي والدولي، مستشهدا بخطاباته الداخلية والخارجية في الدفاع عن قضية القدس، ومستعرضا ما قام به الراحل من أعمال ترميمية للحفاظ على هويتها العربية والإسلامية.

وخصص الدكتور محمد عبدالمؤمن "الجزائر" ورقته للحديث عن "مجهودات الملك فهد بن عبدالعزيز في إزالة عوائق التقارب الجزائري المغربي مع نهاية ثمانينيات القرن الماضي"، وفصل الباحث الخطوات المتتابعة من خلال الزيارات الرسمية التي قام بها الملك فهد بين الجزائر والمغرب حتى تم التقارب بين الشعبين العربيين بعد تنقية الأجواء البينية من التوتر.



دعم الأقليات المسلمة

وفي الجلسة الأخيرة من اليوم الأول للندوة تحدث باحثون عن دعم الملك فهد للأقليات المسلمة في إطار الخدمات التي تقدمها المملكة  للمسلمين والدعم المالي والسياسي لهذه الأقليات.

واستهلت الجلسة التي ترأسها الدكتور محمد علي العقلا بورقة عمل مقدمة من الشيخ عبدالرشيد هدية الله "نيجيريا" عن "تطور علاقات مسلمي نيجيريا بالمملكة العربية السعودية في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز"، تحدث فيها عن علاقات مسلمي أكبر دولة أفريقية من حيث السكان بالمملكة، ونمو هذه العلاقات في عهد الملك فهد والارتباط والتواصل بين مختلف الجهات والهيئات الإسلامية في نيجيريا ومثيلاتها في المملكة، تلت ذلك ورقة عمل للدكتور كرم حلمي أحمد "مصر" عن جهود الملك فهد في دعم الأقليات المسلمة في العالم، مستعرضا أنواع الدعم السياسي والديبلوماسي والدعوي والمادي والإغاثي التي قدمتها المملكة، والدعم في إطار المؤسسات الإسلامية كرابطة العالم الإسلامي ومنظمة المؤتمر الإسلامي والندوة العالمية للشباب الإسلامي.

وقدّم الباحث المصري الدكتور محمد بيومي ورقة بعنوان: "جهود المملكة العربية السعودية في دعم القضية الصومالية في عهد الملك فهد بن عبدالعزيز" سبر من خلالها تاريخيا أساس القضية الصومالية.

وختمت الجلسة بورقة عمل عن "العلاقات السعودية مع دول غرب أفريقيا في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود"، مقدمة من الدكتور عبدالله بن عبدالرزاق إبراهيم من معهد البحوث والدراسات الأفريقية بجامعة القاهرة في مصر، وسلّط البحث الضوء على دور المملكة العربية السعودية، خصوصا في عهد الملك فهد في إنقاذ الدول الأفريقية جنوب الصحراء من محاولات تشويه صورة الإسلام ومحو الثقافة العربية والإسلامية من مجتمعات هذه الدول، وجهوده لنشر الحضارة الإسلامية من خلال إنشاء المؤسسات الدعوية والتعليمية في تلك الدول.