استضعفوه ووصفوه بالجبان، وأنه لا يصلح للحكم. حوصر وطُرد وأُجبر على الاستقالة، ثم شاء الله أن يمكنه منهم ويقلب عليهم طاولة السياسة. وحول السلاح الموجه إليه باتجاه رؤوسهم، وذلك بقوة الشرعية وإجماع قادة المنطقة، وأصبح عبدربه منصور هادي هو بطل المعركة وفارس اليمن المنتظر.

جاء هادي من المعسكر اليمني الجنوبي، متسلحا بالتاريخ والزهو الاشتراكي بعد أن شغل مناصب عدة في جيش الانفصال، وتولى دور المفاوض في صفقات تسليح مع الاتحاد السوفيتي، قبل أن يصبح وزيرا للدفاع في فترة ما بعد الوحدة، ثم نائبا للرئيس صالح منذ عام 1994.

وعاش طوال هذه الأعوام في حكومة الظل، مهمشا كغيره من القيادات التي لا تنتمي إلى حزب صالح وعائلته، ولم يظهر إلا مع اندلاع الثورة اليمنية 2012، إذ كان المرشح الوحيد للرئاسة عقب إلزام المخلوع بالتوقيع على المبادرة الخليجية.

حاول هادي خلال فترة رئاسته إزالة الورم السرطاني المتحكم في مفاصل الحكومة، خصوصا في قيادات الجيش والداخلية التي كانت تحت سيطرة صالح وجماعته، لكن "المخلوع الخائن" عقد صفقة تسليم صنعاء مع الحوثيين، بهدف خراب مالطا، فهرب هادي منها إلى مسقط رأسه عدن، ودهمه الحوثيون هناك.

مشهد الرحلة الأخير هو أهم ما فيها، وذلك حين خرج من عدن مرتديا اللباس العماني في عملية استخباراتية محكمة، إلى الرياض، ومنها إلى شرم الشيخ لحضور القمة العربية، ومن شرم الشيخ عاد بمعية الملك سلمان في تأكيد سعودي على تبني قضيته التي هي قضية كل اليمنيين، وهو اليوم في طريقه إلى استعاده مكانته كرئيس شرعي بما يمكنه من إعادة اليمن إلى الطريق الصحيح، بدعم عربي وعالمي غير مسبوق.