"طالبت وزارة الشؤون الخارجية الفلسطينية المجتمع الدولي بوضع منظمات المستوطنات الإسرائيلية على قائمة المنظمات الإرهابية..."
"شبكة أخبار فلسطين، 22 مارس 2015"
وقعت في نهاية الأسبوع الماضي عملية إجرامية لا يمكن تصورها من شدة قسوتها ضد الطفلة سجود محمد إبراهيم "6 سنوات" في الضفة الغربية. طفلة فلسطينية صغيرة وبريئة، لم ترتكب أية جريمة غير أنها فلسطينية، ولدت في وطنها الفلسطيني القديم في الخليل.
كانت سجود مطاردة من قِبل يهود ملثمين جاؤوا من مستوطنة غير قانونية في الخليل وتعرضت لاعتداء بالحجارة.
ووفقا لوسائل الإعلام الفلسطينية، فإن ما حدث خلال عطلة نهاية الأسبوع الماضي، أن اثنين من المستوطنين الإسرائيليين هاجما فتاتين فلسطينيتين، برشقهما بالحجارة، ما أدى إلى إصابة طفلة تبلغ من العمر ست سنوات خلال الهجوم.
وفي تقرير مفصل، ذكرت "منظمة حمام السلام" أنه في الساعة الثالثة بعد الظهر، بينما كانت ثلاث فتيات فلسطينيات يجمعن الأعشاب لماشية عوائلهن بالقرب من قرية طوبا، ركض اثنان من المستوطنين الملثمين، وهما قادمان من بؤرة هافات ماعون الاستيطانية غير القانونية، ورشقا الفتيات بالحجارة التي أصابت الطفلة سجود بجروح ورضوض في رأسها. ذهبت الفتاة الصغيرة بصحبة عمها إلى مركز شرطة "كريات أربع" لتقديم شكوى ضد المستوطنين اللذين ارتكبا الهجوم، بعد أن تلقت الفتاة المصابة العلاج بالعيادة الطبية المحلية، إذ خاط الأطباء الجروح التي أصابت رأسها.
هناك احتمال ألا ينتهي التحقيق مع المستوطنين إلى محاكمتهما بالعقوبة التي يستحقانها.
لقد أصبح الأطفال الفلسطينيون أهدافا مفتوحة لحكومة نتنياهو الائتلافية الفاشية، سواء في الماضي أو الحاضر. وفي أعقاب الانتخابات القذرة في 17 مارس سوف لن تكون هناك عدالة أو حماية لهما.
باسم العدالة، ينبغي إلغاء المستوطنات التي أسسها الإرهابيون في الخليل التي يستغلها القتلة والمشتبه بهم ملاذا لحمايتهم. لقد حان الوقت للمجتمع الدولي ممثلا في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، وجامعة الدول العربية لوضع حد لملاذ الإرهابيين في الخليل.
ولإيضاح هذه القضية، علينا أن نتذكر تاريخ الاستيطان اليهودي في كريات أربع بمدينة الخليل، الذي تأسس لغرض واحد هو أن يكون رأس الجسر الأيديولوجي، الديني، المطلبي لشبكة إرهابية متطرفة، ويعود هذا التاريخ إلى ما يقرب من 30 عاما. وقد كان هدفهم إخراج الفلسطينيين من الضفة الغربية.
في 25 فبراير 1994، أي قبل أكثر من 20 عاما، قام متطرف يهودي أميركي المولد من مستوطنة كريات أربع في الخليل، يسمي نفسه باروخ "طوبى" جولدشتاين بتنفيذ عمل إرهابي وحشي في الحرم الإبراهيمي قرب مدينة الخليل، المدينة الفلسطينية التاريخية النابضة بالحياة في الضفة الغربية.
أما جولدشتاين فهو طبيب مدينة بروكلين، نيويورك، وأحد أتباع الحاخام الأميركي مائير كاهانا "اسمه الحقيقي مايكل كينج" الذين هاجروا إلى إسرائيل. قام جولدشتاين مع عدد من اليهود باقتحام الحرم الإبراهيمي، وفي غضون دقائق قتل 29 من المصلين المسلمين في المسجد وجرح 200 آخرون، قبل أن يُقتل.
كان جولدشتاين في مدينة الخليل، باعتبارها المدينة التي تم اختيارها وغزوها من قبل أتباع المتطرف الأميركي الصهيوني كاهانا الذي أسس حركة إرهابية سرية في الولايات المتحدة اسمها "رابطة الدفاع اليهودية" التي نقلها لاحقا إلى إسرائيل. وفي وقت لاحق انتقل كاهانا نفسه إلى إسرائيل، وسمى منظمته "يعيش كاهانا"، وأصبح كاهانا عضوا منتخبا في الكنيست، لكن بعد ذلك اغتيل في مدينة نيويورك في التسعينات.
لا تزال الخليل وحتى اليوم ساحة معركة، لأن "كريات أربع" الصغيرة غير القانونية تنشر أعضاء المنظمة السرية اليهودية لتدمير منازل الفلسطينيين والمزارع والمراكز المجتمعية والشركات.
والأسوأ من ذلك أن "كريات أربع" هي ملجأ معروف للقتلة اليهود. أدين أحد هؤلاء اليهود المقيمين في كريات أربع يدعى مناحيم ليفني بقتل 3 فلسطينيين وإصابة 33 آخرين عام 1983، عندما كان هو وغيره من أعضاء ما يسمى "رابطة الإسرائيليين السرية"، هاجموا الكلية الإسلامية في الخليل بقنابل يدوية وأسلحة أوتوماتيكية. وبعد مضي بضع سنوات في السجون الإسرائيلية، كان ليفني قد خفف عنه الحكم المؤبد وعاد إلى كريات أربع، إذ دفعت له الحكومة الإسرائيلية حوالى 250 ألف دولار تعويضا لضرر مزعوم على أرض كان يزرعها – وفي الواقع هي أرض مسروقة من الفلسطينيين.
في عام 1994، حاولت وسائل الإعلام الإسرائيلية أن تصور باروخ جولدشتاين على أنه شخص مختل العقل والتقليل من الأهمية السياسية للهجوم الإرهابي الذي نفذه. لكن أرملته دحضت فورا تلك الأكاذيب، وقالت إنه لم يكن "مختلا عقليا"، بل كان قيادياً. وأعلنت أنه كان يخطط للقيام بذلك من أجل وقف محادثات السلام مع الفلسطينيين، وأنه قد فعل ذلك من أجل دولة إسرائيل".
وقبل أن يؤسس حركته الإرهابية التي تسمى "رابطة الدفاع اليهودية"، كان كاهانا مخبرا لمكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI)، وعمل أيضا في جهاز مخابرات القوات الجوية الأميركية، وكان مرتبطا بـ"رابطة مكافحة التشهير" وهي واحدة من المكونات الرئيسة للوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة، وكان الهدف الأساس من رابطة الدفاع اليهودية استهداف الاتحاد السوفيتي.
ويُذكر أن كاهانا عمل سرا مع الحركات الاحتجاجية التي طالبت بأن يسمح السوفييت لليهود الروس بالهجرة إلى إسرائيل. وقامت رابطة الدفاع اليهودية بتفجيرات أنابيب، وهجمات في الشوارع ضد الديبلوماسيين السوفييت في الأمم المتحدة ولكن في الثمانينات، تصاعدت حركة كاهانا، وأصبحت رابطة الدفاع اليهودية في الولايات المتحدة مسؤولة بالكامل عن تنفيذ الاغتيالات بمساعدة الجيش الإسرائيلي وعملاء الموساد.
في 11 أكتوبر 1985، اغتيل الزعيم الفلسطيني الأميركي، أليكس عودة، بقنبلة ملغومة في مكتبه بمدينة سانتانا في ولاية كاليفورنيا. وكان عودة أحد القياديين في لجنة مكافحة التمييز العربية الأميركية في ولاية كاليفورنيا. وكان لاغتياله صلة مباشرة بما يدور في كريات أربع.
في عام 2006، قال سامي عودة، شقيق أليكس، لمراسل "الانتفاضة الإلكترونية" إن المشتبه بهم في قتل شقيقه قد تمت حمايتهم من قبل إسرائيل، ولدى مكتب التحقيقات الفيدرالي أسماء أربعة أشخاص قدمهم زعيم رابطة الدفاع اليهودية، الراحل إيرف روبن، ولكن لم يتم الكشف عن أسمائهم.
لقد كشف نتنياهو عن طبيعته ونواياه الحقيقية في حملته العنصرية الهستيرية للانتخابات في 17 مارس، إذ قال لن تكون هناك دولة فلسطينية حتى لو أعيد انتخابه مرة أخرى رئيسا للوزراء.
في الواقع، ليس هناك من أسباب تمنع إظهار مستوطنات "كريات أربع" في الخليل. ما هي إلا مركز للإرهاب، وبناء عليه ينبغي إزالتها الآن.