من يقرأ السردية السياسية لتاريخ تأسيس جماعة أنصار الله المعروفين إعلامياً بـ"الحوثيين"، يخرج بخلاصات مهمة، تدور حول طبيعة التحولات التي جرت في عروق هذه الجماعة الإرهابية، منذ أن أسسها حسين بدرالدين الحوثي عام 1992، نتيجة سياسة التهميش والتمييز التي انتهجتها الحكومات في عهد الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح في مركزها الرئيس محافظة صعدة.

وعند التعمق في قراءات التأسيس للجماعة من داخل الأوساط اليمنية، فإن المخلوع، قام بدور في تأسيسها، لرغبته في إيجاد منافس حركي ذي صبغة دينية، لغريمه التقليدي التجمع اليمني للإصلاح.

ظلت الجماعة وبناء على أدبياتها التي عرضتها أخيراً قناة BBC البريطانية، تعمل منذ التسعينات على بناء مراحلها داخلياً، تحت عين المخلوع، الذي دخل معهم في ست حروب شكلية منذ 2004، والتي قتل فيها مؤسسها، كان صالح ونجله أحمد الذي كان أحد قيادات الحرس الجمهوري التابع للعائلة الحاكمة، والتي حرصوا فيها على التخلص من بعض القيادات العسكرية المؤثرة في الجيش اليمني، بل كان الحرس الجمهوري يمد الحوثيين بالخطط والكمائن للتخلص من بعض المؤثرين عسكرياً في الجيش اليمني، ودعم عسكري لهم من مخازن الدولة اليمنية كإحدى حالات التناقض التي يلعب بها في أطراف الدولة اليمنية الهشة.

تشير مصادر تاريخية رصدتها "الوطن" إلى أن التحول الكبير الذي طرأ لدى توجهات جماعة الحوثي، بدأ منذ السنوات الأربع الماضية، بعد أن رأت طهران أن حلفاءها في المنطقة حزب الله اللبناني، ونظام الأسد السوري، ومالكي العراق، يجب إحلال بديل عنهم في المنطقة، فكان ذلك مرتكزا في الحوثي، الذي بدأ يتحول منذ ما قبل 2004 بقليل إلى حركة مسلحة، سيطرت على محافظة صعدة المتاخمة للحد الجنوبي للمملكة.

ويرجع البعض توتر العلاقة بين الحركة والدولة إلى إقدام الدولة في تسعينات القرن الماضي على منع ترديد شعار للحركة في المساجد يقول: "الله أكبر، الموت لإسرائيل، الموت لأميركا، اللعنة على اليهود والنصر للإسلام".

وتشير مصادر إلى أن حركة الحوثيين ظهرت دعوية في البدء قبل أن تتحول إلى حركة مطلبية جمعت بين الاجتماعي والسياسي، وهناك من يعيد تاريخ ظهورها إلى سنة 1992 باسم "الشباب المؤمن" كما هو شأن كثير من الجماعات الدعوية التي انخرطت في العمل السياسي ببلدانها في ما بعد.

تنتمي قيادة وأعضاء الحركة إلى المذهب الزيدي، وتأثرت بأطروحات بدرالدين الحوثي، وهو أحد فقهاء المذهب الزيدي المتأثر بالمذهب الشيعي المناهض للمذهب السني الحنبلي في اليمن، وهم باختصار النسخة اليمنية المهجنة من حزب الله اللبناني، التي أرادتها طهران، وبدأت في تأسيسهم منذ أكثر من ثلاث سنوات تحت رعاية قيادات من الحرس الثوري الإيراني، من أجل الوجود في رحم وخاصرة الجزيرة العربية.