المبتعث الذي ينقل صورة حسنة عن وطنه ويعزز مكانتها باجتهاده وتفوقه وتميزه بين أقرانه الطلاب في الجامعات المختلفة في الدول كافة التي ينتشر فيه الطلاب السعوديون لا يقل دوره أهمية عن الطيار الحربي الذي يعصف بحزم المواقع الحوثية في اليمن، ولا يقل شجاعة عن الجندي المرابط على حدود الوطن يذود عنه بروحه ودمه.
ألتفت لي زميلي المتعاطف مع الحوثيين متجاهلا المعلمة التي تشرح باهتمام، وكتب على ورقة عبارات عنصرية بغيضة! كنت أستطيع الرد عليه بمليون عبارة ومئة ألف مقال وآلاف الكتب أو على الأقل أكتفي بعبارة: "السعودية أنقذت اليمن من بين مخالب إيران"، ولكن بدلا من الرد عليه والدخول في نقاش عقيم معه، فضلت أن أسارع بالرد على المعلمة التي كانت تسأل الطلاب عن الدروس الماضية، أغضبه تجاهلي، وبعد نهاية الدرس قال لي لماذا لا تجيب عن كلامي، ابتسمت له وغادرته وأنا مؤمن أن دوري كطالب مبتعث ليس النقاش السياسي، بل تنفيذ سياسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان التي قالها في تغريدته الأخيرة عبر حسابه في تويتر: "هدفي الأول أن تكون بلادنا نموذجا ناجحا ورائدا في العالم على الأصعدة كافة، وسأعمل معكم على تحقيق ذلك".
والصعيد الذي يجب على الطالب أن يعمل عليه هو طلب العلم والابتعاد عن هدر الوقت في نقاشات سياسية، خاصة في هذا الوقت الذي يعصف فيه الوطن بحزم على الأعداء ويجب أن تثق أن الدخول في نقاشات سياسية، وقد تكون مذهبية أحيانا لن تمكنك من الحصول على نتائج مرضية، وذلك لأن أكثر الأشخاص الذين يبادرونك بالنقاش لا يناقشون من أجل معرفة الحقيقة، بل يجادلون للتنفيس عن غضب الخسارة التي فاجأتهم، خسارة لم يتوقعوها أبدا، استيقظوا صباحا ووجدوا أنفسهم أمام دمية تخلى عنها من يحركها، وجدوا أنفسهم وحيدين وكل خططهم للاستيلاء على اليمن باءت بالفشل عند أول غضبة حليم، ذهبت للأبد كل جهودهم لنزع السلطة الشرعية من الرئيس اليمني مع أول ردة فعل سعودية، ولذلك يجب على سفير الوطن - الطالب المبتعث - أن يرد على كل من يناقشه بالفعل، وأن يترك الظاهرة الصوتية لهم، والفعل هو الالتزام بحضور المحاضرات كافة دون تأخير. والمشاركة الفاعلة في البرامج الدراسية والمجتمعية والتطوعية في الجامعة، واحترام قوانين البلد، والتحلي بالأخلاق الإسلامية والعربية الأصيلة، وهذا الفعل لا يقل أثره عما يفعله الجنود في عاصفة الحزم.
ومن أهم الأمور التي يجب على الطالب المبتعث فعلها والحرص عليها هو العمل على حماية نفسه، وذلك بابتعاده عن المواقع المشبوهة وعدم الذهاب إلى الأماكن غير الآمنة والخروج في الأوقات المتأخرة من الليل، والحذر من رفع الصور والشعارات السياسية والمشاركة في المظاهرات، والوعي التام بأن حرصه على أمنه وسلامته يوفر على وطنه الكثير من العناء والمشقة في معالجة المشكلات التي تترتب على خوضه مثل هذه المخاطر.
في الوقت الذي يقصف فيه جنود عاصفة الحزم الأعداء يجب على الطالب المبتعث أن يقصف الظلام بالنور ويطلق رصاص المعرفة على الجهل، ويرسم حبه لوطنه بالأرقام الكبيرة في نتائجه الدراسية وبحوثه وتجاربه ومنشوراته العلمية، ويجعل العالم كله يرى كيف الطالب السعودي ينتصر بأعلى الدرجات العلمية مثلما يرون أبطال عاصفة الحزم وهم يدمرون مواقع الحوثيين المتمثلة في قاعدة الديملي ومقر الفرقة الأولى مدرع ومطار صنعاء الدولي، ومنزل عبدالملك الحوثي في صعدة، ومخازن وزارة الدفاع بصنعاء ومخازن الحوثي في صعدة بنسبة مئة بالمئة ونترك أنصار الحوثي وإيران يجادلون بالصوت ونعرض عنهم، وهم يعون تماما بأن الانتصار الحقيقي بالفعل في أرض الميدان ويجهلون أن الجدال ورفع الصوت ما هو إلا صرخات الخسارة وعدم استيعابهم حتى الآن من هول الصدمة عاصفة الحزم التي دمرتهم.