خلال مطلع عام 2012 ومع بدايات نزوح السوريين إلى خارج بلادهم هربا من آلة القتل الأسدية، أتيحت لي الفرصة لعمل تقارير صحفية ميدانية مع اللاجئين في الأردن حول الأوضاع في الداخل السوري.
أتذكر جيدا حديث خالد الحمود، وناصر الشامي، وحسين الزعبي. كانوا من مناطق سورية مختلفة، وسردوا لي قصة بداية الثورة، وكيف كانوا يرددون هم وبقية الثوار السنة والشيعة والعلويين والمسيحيين "الله أكبر" وهم يواجهون الرصاص الحي بصدور عارية. كانت صيحات الثوار تخنق النظام الأسدي، ودماؤهم تغرق عساكره وتشعل المواجهات في كل مكان من سورية.
ذكر لي الثوار كيف لجأ النظام إلى حيلة خبيثة لمواجهة هذا الإجماع الشعبي ضده. كيف كان يتمركز في الأحياء العلوية ليقصف أحياء السنة. وكيف يقتاد ثوار العلويين ليقتلهم ويلقيهم بالقرب من منازل السنة.
كان إشعال الطائفية بين مكونات الشعب السوري هو الحصن الأخير الذي يحمي النظام، والحيلة التي تستقطب له مزيدا من المقاتلين الذين يدافعون عن بقائه.
نجح الأسد -ومن خلفه النظام الإيراني- في تحويل ثورة الشعب السوري إلى ثورة طائفية بين السنة الذين يمثلون الأغلبية من جانب، وبين الشيعة والعلويين من الجانب الآخر.
اليوم، يخوض أبناء اليمن -بكل مكوناتهم- حربا ضد جماعة متمردة إرهابية، زرعتها ذات اليد الإيرانية البغيضة، لتحول بلاد بلقيس السعيدة إلى بؤرة من بؤر الصراع الطائفي الذي يخدم الأجندة الإيرانية المقيتة.
تلبية لنداء الرئيس الشرعي في الوقوف ضد الحوثيين، هبت دول التحالف العربية لتطلق عملية العزة والكرامة "عاصفة الحزم"، وتقطع الطريق أمام مختطفي الشرعية والدستور.
الحرب الدائرة في اليمن الآن، حرب بين الشعب بكل أطيافه من سنة وشيعة وغيرهم وبين جماعة الحوثي المتمردة وداعميها، هدفها الرئيس إعادة اليمن إلى اليمنيين.
تحويل هذه الحرب العادلة إلى حرب طائفية بين السنة والشيعة يمثل الخلاص للحوثي وإيران والمخلوع علي عبدالله صالح، وبالطبع ستسعى إيران إلى تكرار تجربتها في سورية لتضمن استقطاب مزيد من المقاتلين، وهنا يجب أن يعي الجميع ذلك ولا يسهموا -بغباء- في دعم المخطط الإيراني.