دقيقة واحدة فقط فصلت بين حالة الهدوء التي كانت تخيّم على المنطقة، وأزيز مقاتلات عاصفة الحزم التي كسرت حاجز الصوت، وحولت الليل إلى نهار في دقائق معدودة.

فقبل الساعة الثانية عشرة بدقائق من مساء الأربعاء الماضي، لم يدر بخلد أي مخلوق أن الصقور الخضر يتأهبون لمهمة إنسانية وطنية شرعية تقودها المملكة وتشارك فيها عشر دول عربية، لإنقاذ اليمن الشقيق من ميليشيات الحوثي بعد أن عاثوا في اليمن فسادا.

انتظمت المقاتلات السعودية في عقد الفضاء مع أول دقائق ساعة الصفر، وضربت أول أهدافها وتحول الوضع من حالة هدوء إلى عاصفة دون سابق إنذار، لتُفاجَأ عناصر وميليشيات الحوثي بعاصفة الحزم تضرب أهدافها بكل دقة.

لم يكن قرار استخدام القوة لردع الميليشات الحوثية المنقلبة على الشرعية وليد اللحظة، وليست القيادة السعودية ممن يتخذ مثل هذه القرارات بشكل مفاجئ وسريع، وهي التي عُرف عنها طول البال، ولكن ما جعل القرار يبدو مفاجئا، أن التخطيط التكتيكي لعملية عاصفة الحزم تم بطريقة محكمة ومتقنة، فلم يشعر أحد بالاستعداد لها رغم تنسيق المملكة المسبق مع الدول المتحالفة، فكانت ساعة الصفر مفاجئة للجميع.

وأمام هذا الإتقان في إدارة العلمية العسكرية وتوحيد الصف العربي تجاه أحداث اليمن، يحق لنا كسعوديين أن نفخر بسياسة بلادنا وحنكتها الإدارية، وقدرتها على إدارة مثل هذه العمليات بحرفية تامة، وبمنظومتنا العسكرية التي صمت الأعداء أمام أدائها وقدرتها وتفوقها التكنولوجي والعسكري، وها هي تبعث رسالة إلى العالم تستعيد فيها مقولة المؤسس رحمه الله "الحزم أبو اللزم أبو الظفرات".

من عهدة الراوي:

عندما تكون المهمة إنسانية والقرار مصيريا والشرعية هدفا، تقلّ الأقوال وتظهر الأفعال، ويكون الحزم هو سيد الموقف. وعاصفة الحزم التي رحب بها اليمنيون قبل السعوديين ليست إلا استجابة لنداء الشقيق الذي تحول بلده إلى فوضى، بسبب شرذمة قليلة تمادت في غيها وطغيانها، ولم تحسب أي حساب لشعب اليمن الذي ينشد الاستقرار ويكره الحروب.