سلمان قرّب جبينا كي أقبله

به وربك إن العز مُقترن

شفيت بالحزم أرواحا وأفئدة

كَم كان يُحرقها في صمتها الشجنُ

ربما كان البيتان الآنفان للصديق أحمد التويجري -من قصيدة أخيرة له- معبرين عن كل سعودي حرّ، فرح وفخر بوطنه ومليكه، وقد آلمه استطالة الصفوي وفجوره، وبغي الحوثي وتجبره، وخيانة علي عبدالله صالح وتنكره لجميل ما قدمت له المملكة. البيتان عبّرا عن شعورنا -كسعوديين- بالكرامة والثقة والفخر والاعتزاز بوطن هو الحليم أبدا، والحازم مع من يستطيل بالبغي.

أما وقد حسم الملك سلمان الأمر، وأعلن "عاصفة الحزم"؛ فلا مجال للاجتهادات إلا بالاصطفاف خلف أبطالنا، وهم يقومون بواجبهم في نجدة أهل اليمن الشرفاء هناك، وإعادة الشرعية بعد أن بغى الحوثي عبر الخونة، ولطالما رددت في أكثر من مناسبة، بأن الحوثيين هم بعشرات الآلاف فقط، وهم قبل عامين لم يستطيعوا اختراق "دماج"، وهزيمة بضعة آلاف من طلبة العلم السلفيين العزل إلا من إيمانهم بربهم وبضع رشاشات، فكيف بالله يستولون اليوم على معظم بلاد بلقيس، وتكون لهم الهيبة والسطوة، إلا بالدعم الصفوي الحاقد، وانقلاب رأس الأفعى علي عبدالله صالح، الذي تنكر لنا، وعض اليد التي ساعدته طيلة فترة حكمه، بل وأنقذته من موت محقق، وهو الذي أتانا محتضرا محترقا.

حسنا فعل المسؤولون السعوديون عندما بثوا وقائع ابتزاز هذا الأفعى، على موقع "العربية"، عندما أرسل ابنه أحمد ليلاقي الأمير البطل محمد بن سلمان قبل انطلاق "عاصفة الحزم" بيومين، ويعرض عليه انقلابه على الحوثيين في مقابل أن يكون هو رئيس اليمن، وأن ترفع العقوبات التي تلاحق أباه من الأمم المتحدة، ويرفع عن الرجل -الذي حكم اليمن طيلة 33 عاما- حظر السفر وتجميد أرصدته المليارية في بنوك الغرب. كم أنا سعيد ببث هذه الوقائع كي يعرف أهل اليمن، كيف يلعب هذا الجاحد على الأوتار، ويدعي مصلحة وحب اليمن، وهو الذي يساوم عليهم ووطنهم في مقابل ترؤس ابنه وعودة أمواله التي نهبها منهم.

استمعت قبل كتابة هذه الأسطر لعلي عبدالله صالح في بيانه الذي وجهه للزعماء العرب قبيل انعقاد قمة جامعة الدول العربية في شرم الشيخ، يطالب فيه بالحوار وإيقاف الضربات الجوية، وهو الذي رفضه قبل "عاصفة الحزم". تباكى ذلك الأفعى على المصابين، ووجه رسائل تهديدية لنا من بين ثنايا البيان الذي غلفه بالدموع على اليمن، وتمتمت وقتها: كم أخطأت دول الخليج في إنقاذك من المحاكمة والملاحقة القانونية، جراء ما اقترفته وتقترفه الآن بحق أهل اليمن ومقدراتهم وأموالهم التي كنت تختلسها لحسابك الخاص. لم تقدر استنقاذهم لك من المحاكمة، والذي أملته مصلحة اليمن وقتها، وتنكرت لكل من ساعدك.

أتمنى بصدق أن يرفع الغطاء عن رأس الأفعى، الذي هو سبب كل هذه الفوضى والبلاء، ويقدم للمحكمة إن لم يتوقف عن مكره وسطوته بأهل اليمن، فالكل يعرف أن الحوثي أذلّ وأحقر من أن يمتلك ويحكم بمفرده اليمن، إلا من خلال "المؤتمر الشعبي العام" الذي يمثل الدولة العميقة في اليمن، ومعظم الجيش يدين له بالولاء. ليت أمين عام مجلس دول التعاون -الذي قاد المبادرة الخليجية- يلوح بهذه الورقة، كي يجفل ويتوقف ويرعوي، ويعود لطاولة الحوار دون شروط أو ابتزاز أو مساومات. أتمنى كذلك من القيادة اليمنية الشرعية التلويح بمحاكمة مجرمي الحرب، وكل من يحمل السلاح ضد الشرعية، بل ووضع جائزة –كما فعلت الولايات المتحدة مع بن لادن وغيره- لمن يأتي برؤوس مجرمي الحرب الذين يمزقون اليمن اليوم، ويرفضون الجلوس على مائدة الحوار.

وبعيدا عن علي عبدالله صالح، أسأل: ماذا بعد الضربات الجوية؟

من المهم أن تصطف كل الأحزاب والفعاليات اليمنية والقبائل خلف شرعية الرئيس عبدربه منصور هادي التي نعززها اليوم، فاتحاد الكلمة اليوم واجب عليهم، ومن المهم المحافظة على مقدرات ومؤسسات الدولة اليمنية، فلدينا اليوم مثال مؤسف متمثل في ليبيا التي دمرت فيها مؤسسات الدولة، فدخلت في فوضى لم تنته منه للآن.

والسؤال الآخر: هل هذه الضربات تهدف لاجتثاث الحوثيين كما كان مع "البعث" في العراق؟ في تصوري الخاص، أن هذا السيناريو غير مطروح، ولطالما أعلن التحالف أن الهدف هو عودة الشرعية، وجلوس أهل اليمن على طاولة الحوار بدون ابتزاز أو بغي بما كان في السابق.

"عاصفة الحزم" فرصة مواتية لكل الإسلاميين المعتدلين في اليمن بإعادة علاقاتهم مع دول الخليج، وخصوصا السعودية، ولعل العقلاء هناك، يميزون المرحلة الجديدة والعهد الجديد، ويثبتوا ولاءهم لليمن عبر تعزيز الشرعية، ويهتبلوا الفرصة لتحسين علاقاتهم مع السعودية لدحر كل ما يقال عنهم من كيد، ويسجلوا موقفا مشرفا عبر بيان واضح وصريح.

لا يفوتني هنا التنويه بما قامت به دولة باكستان، فالكل يتلفت إلى تركيا ومصر، لكن برأيي أن باكستان أثبتت عمق علاقاتنا بها، وتقديرها لكل مواقفنا معها، وأعجب أننا لا نوليها –كمثقفين ومجتمع- حقها التي هي جديرة به. موقفها واضح وشجاع بأن أي أذى يمس السعودية فهو يمسها ولا تسمح به. شكرا للباكستان على هذه الوقفة الشجاعة منها.

كل الدعاء لمليكنا سلمان ولأبطالنا في سماء وثغور بلادنا، والشعب يصطف خلفكم مؤمنا بالله تعالى ثم قيادتكم التي ملأتنا عزة وفخرا وأملا بإعادة الصفوي إلى جحره.