لماذا عدّ كثيرون الزيارة التي قام بها الشيخ سلمان العودة إلى الأديب والروائي عبده خال في المستشفى أخيرا وكأنها حدث عظيم وموقعة مفصلية في ساحة التضاد التي تدور رحاها بين مدرستين فكريتين مختلفتين؟

الجواب بكل بساطة هي أننا لم نفهم في يوم أو نطبق في ذهنيتنا مقولة "الاختلاف لا يفسد للود قضية".

فقد تعلمنا في الكتب والمقررات ذلك المثل وغيره بينما علمنا المجتمع بالممارسة أفعالا تتناقض مع روح الأخوة والود التي تزخر بها أدبيات هذا المجتمع المتناقض.

النظر إلى الأمور بشكلياتها وقياس العلاقات بها هي من المعضلات التي أدت إلى إطلاق الكثيرين للأحكام التي ما أنزل الله بها من سلطان.

فعندما زار الشيخ العودة الأديب عبده خال، هل كان ينظر إليه بأنه أحد أقطاب معركة "الماريوت" التي أنهكت ساحتنا الاصطفافية بحوارات ونقاشات لا معنى لها، أم زاره لأنه ربما صديق أو فقط لحرصه على زيارة مريض من منطلق الواجب الديني؟!

تعلمنا السياسة بأنها الفن الذي به يمكن أن يتم التعامل مع الأطراف المختلفة بطريقة ذكية، مستغلة الظروف الزمانية والمكانية، وتاركة دائما بابا خلفيا يتيح مجالا لإعادة تحديد المواقف، وهو مجال -أي السياسة- ليس فيه صداقات دائمة ولا عداوات دائمة، وعليه فصديق اليوم عدو الغد وعدو اليوم صديق الغد.

إن كنا نرى في الأسماء عنوانا لمواقفنا الفكرية، فأعتقد أن الصورة التي انتشرت للشيخ والأديب كفيلة بأن تدخل الآن أتباع الاسمين شهر عسل وصفاء فكريا، وإن كنا نبني المواقف من قناعات شخصية فكفيل بهذه الصورة ألا تعني أكثر من لقاء رجلين بينهما ود واحترام، وربما التقطت لمجرد الاستهلاك الإعلامي!