أثناء حرب العراق عام 2003 احتاجت القنوات الفضائية إلى محللين سياسيين وعسكريين.. لم تجد.. وقعت في ورطة.. بحثت في أرشيف المنطقة.. استطاعت أن تعثر على عدد ليس بالقليل من العسكريين المتقاعدين الذين خاضوا حروبا فعلية.. كما استطاعت العثور على محللين سياسيين اختفوا منذ عام 1990.. نجحت الفضائيات في أن تخرجهم من غياهب النسيان!
وقتذاك كان الأمر مقبولا إلى حد كبير.. على الأقل كان الناس يستمعون لمحلل سياسي أمضى عمره في دهاليز السياسة والدبلوماسية.. وكانوا يشاهدون عسكريا خبيرا في المعارك وخاض حربا فعلية.. حتى وإن كان أحد الذين قادوا الجيوش العربية المهزومة عام 67 م!
الأيام الماضية وخلال عاصفة الحزم التي تقودها بلادنا الغالية استجابة لنداء الرئيس اليمني تغيرت الصورة كثيرا.. امتلأت الفضائيات بالمئات من المحللين والخبراء.. لم يعد هناك مشكلة!
الكل تحوّل خبيرا في شؤون الحرب والسياسة والدبلوماسية.. ولو سنحت الفرصة لبائع بطيخ - مع بالغ احترامي له - أن يخرج هذه الأيام ويحلّل ويُنظّر لما تورّع عن ذلك، متذرعا بـ"ما فيش حد أحسن من حد" طالما أن الحكاية بطيخ في بطيخ ، وتحليل مبني على أي شيء، إلا أن يكون مبنيا على حقائق ومعلومات دقيقة!
من حقك أن تتحدث في المناسبات المختلفة عن السياسة والحرب.. مقبول منك ذلك.. مقبول منك أن تنظّر و"تمط شفتيك" و"تسكت قليلا" وتنظر نحو السقف، وتطلق ما تشاء من توقعات لكن، في بيتك واستراحتك من فضلك، ومكان عملك إن شئت.. وليس في التلفزيون.. هذا أمر غير مستساغ.. يجعل منك فقرة كوميدية في قناة تلفزيونية جادة!
فإن رفضت النصيحة فلا عتب عليك.. كثيرون مثلك يلهثون خلف الشهرة، ولو استطاعوا الخروج في "عرب آيدول" لفعلوا.. العتب على القنوات الإخبارية المختلفة التي تستقطبك أنت، وأمثالك، للحديث، فقط لكونكم سعوديين.. والمضحك المبكي أن التعريف المطبوع على الشاشة يقول: محلل سياسي سعودي!