وونحن جنوبنا كبر أشـــدُّ

ونحن عسـير مطلبـها عسير

ودون جبالها برق ورعــد ُ

لكل الغـدر مهما جن حد

وليس لغدرك المجنون حــد

تجهمت العروبة واشـمأزت

وضج نزار وانتفضت معـدُّ

غازي القصيبي

كتب غازي تلك الأبيات في صدام حين اعتدى وما أشبه الليلة بالبارحة، الحوثيون يعيدون أمجاد المحتلين والمخربين من الجهلاء الهمجيين القرامطة والمغول والتتار المخربين، ولا يكتفون بما يفعلون في اليمن حتى يهددوا باقتحام عواصم الخليج واحدة تلو الأخرى، ولو لزموا الصمت لكان لهم مخرج لكن يأبى الله سوء نواياهم التي يظهرونها للناس.

الوطن ليس مجرد خط أحمر يمكن أن تقفز عليه، كما أنه ليس سلعة ترتفع أسعارها وتنخفض حسب وفرة العرض والطلب أو بما يملك من مخزوني نفطي. الوطن أرض وإنسان يحمل كل ما ينتمي للأرض من قسوة قبل لين، ومن حزن قبل فرح، فيه نبكي ونضحك وله نمنح قبل أن نأخذ.

الوطن نعرفه بضحكات أطفالنا ودموع أمهاتنا التي تخلط الحزن بالفرح، ودعوات آبائنا بالستر والعافية والرزق. بالأمس القريب اتفقنا على عاصفة الحزم ولن يأتي يوم نختلف فيه على حب الوطن أبدا، وهذا ليس خاصا بنا بل هو قدر كل مواطن مع وطنه في كل أصقاع الأرض، إلا أننا لو سرنا مع التاريخ أو تبعنا الجغرافيا فلن نجد قدر هذا الوطن إلا الصمود والمواجهة، ولن نجد الصراع إلا دفاعا أو استعادة حق.

لن أجعلها عنصرية وأقول إنها مواجهة سنية شيعية فالمملكة وقفت مع علي عبدالله صالح وهو ليس سنيا، كما أنها عالجته حين تعرض لمحاولة قتل، وحين أراد الشعب رحيله ساعدت المملكة في سلاسة انتقال السلطة لرئيس جديد أو هكذا ظننا جميعا، لكنه اليوم حين عادى شعبه وفتح الطريق لقتلهم وتهديد حدودنا وجب أن نعالج اليمن منه كما عالجناه من جراح اليمن!

من لا يعرف المملكة ولم يعش بها لا يمكن أن يعرف مدى علاقتنا مع الأشقاء اليمنيين التي لم يعكر صفوها إلا تعديات الحوثيين الصارخة على حدودنا من سنوات، واتفاقات رئيس اليمن السابق المحركة لهم اليوم، وما عداها فلن تجد أقرب من اليمني في مجال المال والأعمال للسعوديين منذ بدأت المملكة الحديثة وتدفق الخير، بل وقبل أن يصل النفط سبقه وصول تجار اليمن خاصة في الحجاز ومساندتهم لبناء الدولة حين كانت الدولة فقيرة في الموارد. لم تنس لهم المملكة ذلك فما زال قطاع كبير من تجارتنا ومشاريعنا بين أيدي أشقاء من اليمن.

من لا يعرف ما يعنيه اليمن للعرب أعيد ما قاله أحد اليمنيين: (اللي ما هو يماني ما هو عربي) عبارة تختصر المسافة بين هوية الجغرافيا واللغة والتاريخ فنحن اليمن شئنا أم أبينا.. نعم نحن اليمن وما تزال بلاد العرب أوطاننا جميعا نحميها في الحروب ونعينها في السلم.

غرد اليماني عبدالله السامعي في وسم عاصفة الحزم (الحوثيون قتلوا خمسة من أصدقائي.. واليوم يطلبون مني أن أخرج معهم لرفض عملية عاصفة الحزم، مطلبكم هذا سأحوله إلى أصدقائي الشهداء.. نعم للعملية).. وعبدالله هو كل يماني رفض المشروع الفارسي لطمس الهوية والدين لصالح مصالح توسعية استبدادية.. وعبدالله هو اليمن الذي حمل صورة خادم الحرمين ورحب بقصف الحوثي، ووقفة الملك سلمان المدهشة فاجأت العالم لكنها لم تكن غريبة على اليمنيين لأنهم كانوا ينتظرونها بحرقة الأذى الذي امتد إلى دمائهم وأموالهم والأهم دينهم الذي بدؤوا يواجهون فيه مضايقات الحوثي الذي يقتات السيطرة والتخريب، ولن تعرف متى طبع اليمنيون صور الملك سلمان ليحملوها ويلوحوا بها تأييدا.

وقفة سلمان فهمنا منها سرّ حضور الزعماء للرياض من عرب ومن عجم، فإن كانت مطامع الغرب أو الشرق في نفطنا فلا مطمع للمسلمين إلا أمن المملكة بلد الحرمين فهي أمن لإيمانهم وأمانهم الإسلامي.

ذابت خلافات الدول العربية وتوحدت على قلب رجل مسلم يتقدم حاملا بندقيته ويوجهها لعدو صدق فيه قول الشاعر دريد:

أمرتهم أمري بمنعرج اللوى

فلم يستبينوا الرشد إلا ضحى الغد

وقفة الملك سلمان وجيل الأحفاد تعيد لنا الأمن فالكل قام معهم من الخارج والداخل، وهي تعيد لنا تاريخا مجيدا ومشرفا كان فيه الموحد الملك عبدالعزيز رحمه الله يقدم فيه كل الدعم والمساندة للعرب، كما أن وقفة الأحفاد بقيادة وزير الدفاع أكدت أن هذا الوطن شاب بقلوب شبابه التي تقف تحمي الحدود أو تقود العمليات وتتبارى للتقدم في الصفوف الأمامية.

أصحاب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان وقبله لعقود طويلة الأمير سعود الفيصل صاحب المواقف العالمية والأمير محمد بن نايف على أمن الداخلية تأكيد على أن هذا الوطن يطبع قبلة آمنة على جباه أبنائه ويعدهم أن لا عدو مسلط عليهم أو على جيرانهم إلا كانوا له بالمرصاد.

أخيرا هذه الحرب لم تكن حلما لكننا أجبرنا عليها ونحن لها حتى يأمن اليمن فنأمن.