قبل بزوغ أشعة شمس يوم أمس الخميس كانت أسراب طائرات القوات الجوية الملكية السعودية، وبمشاركة دول الخليج ودول عربية وإسلامية، تقوم بواجبها الوطني والقومي والإسلامي لحماية بلد شقيق من الوقوع في براثن الارتهان للخارج والوقوع في أتون حرب أهلية تدمر كل شيء.
والرائع في الأمر أنه وخلال ساعات قليلة استطاع صقورنا البواسل بالتعاون مع طائرات حلفاء دعم الشرعية -المكون من تسع دول شقيقة- تحقيق أهداف كمية ونوعية مميزة، والأهم من ذلك العودة إلى القواعد العسكرية دون أي إصابات أو خسائر تذكر، وبالطبع هذا يعود بعد توفيق الله إلى التخطيط المتقن وإلى التدريب الكفء لكوادرنا الشابة من طيارين ومهندسين وفنيين، بيد أن الفضل بعد الله يعود في ذلك إلى شجاعة وحسم خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز الذي حاول وسعى نحو الحل السياسي ومحاولة ردم الصدع بين جميع الأطياف السياسة في اليمن خلال الأسابيع الماضية، إلا أن جماعة الحوثي ومن ورائها الدعم الإيراني المتواصل، وكذلك حزب المؤتمر الشعبي بقيادة الرئيس السابق علي عبدالله صالح أبت إلا الاستمرار في مسلسل تدمير الدولة اليمنية.
توالت التحذيرات وكان آخرها تصريح سمو وزير الخارجية سعود الفيصل قبل ثلاثة أيام، لكن تلكم الجماعة الانقلابية لم تكن تصغي السمع أو الفهم، لأنها بكل بساطة ارتهنت قرارها ومستقبل بلادها لمن لا يضمر خيراً لليمن وأبنائه. وها هي العملية العسكرية تحصل على دعم غير مسبوق من الدول العربية والإسلامية، وحتى القوى الدولية التي عرض بعضها تقديم الدعم اللوجستي والاستخباراتي لهذه العملية، لأنها ببساطة دعم واضح للشرعية الدستورية وحفاظٌ حقيقي على هيكل الدولة اليمنية وحضورها الدولي.
واليوم تواصل العملية العسكرية عملياتها النوعية والمركزة.. وهدفها الأساسي العمل على تلبية نداء الشرعية المتمثل في الرئيس اليمني الحالي عبدربه منصور هادي، الذي جاء تنصيبه وتشكيل حكومته الائتلافية نتاج المبادرة الخليجية قبل سنوات في الرياض، والتي جنبت اليمن مستنقع الوقوع في الحرب الأهلية خلال السنوات القليلة الماضية، لكن تلك الجماعة الانقلابية ورغم إفساح المجال لها سابقاً بدخول العملية السياسية شرط إلقاء السلاح ونبذ العنف؛ استمرت برفض أي جلوس حقيقي على طاولة المفاوضات وكشفت عن مخططها الحقيقي.. أو لنكن أكثر صراحة كشفت عن المخطط الإيراني البغيض الذي يهدف إلى تدمير المنطقة وإشاعة الفوضى في كل مكان، وما النموذج العراقي ببعيد عنا، حيث التدخل الإيراني السافر في دولة عربية أدى إلى أفول دورها الإقليمي وتدهور الأمن الداخلي وإشاعة جوٍ من التناحر الطائفي البغيض.
خادم الحرمين الشريفين أطلق على هذه العلمية اسم: عاصفة الحزم، والتي تأتي تطبيقاً لسياسته -حفظه الله- في الحزم حين اتخاذ القرار والمضي قدماً نحو الأمام. خصوصاً وبعد أن بذلت جميع المساعي الدبلوماسية عبر الخارجية السعودية وعبر الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، ولكن يبدو أن البعض لا يفهم سوى لغة واحدة فقط، وهي لغة القوة التي استطاع جنودنا البواسل بالإضافة إلى حلفاء دعم الشرعية إرسالها في أول ساعة من ساعات العملية، وها هي عاصفة الحزم تعطي أكلها خلال ساعات قليلة، فتلك دعوة للجلوس إلى المفاوضات وتلك صرخة للاستمرار في القتال وتدمير اليمن، والمؤكد هنا أن الشعب اليمني الشقيق أضحى متأكداً أكثر من أي يوم مضى من النوايا السوداء لجماعة الحوثي الانقلابية، ورغبتها المتواصلة في الاستيلاء على الحكم وإخراج اليمن من منظومته العربية ثم الارتماء في أحضان الدولة الإيرانية. ولعل الجميع يتذكر أن أحد أول قرار لجماعة الحوثي بعد الاستيلاء على العاصمة صنعاء هو فتح خط جوي مباشر إلى طهران، وصمّ الآذان عن كل الدعوات العاقلة نحو إلقاء السلاح والعودة إلى طاولة الحوار مع جميع الأطياف.
لقد تحمّلت المملكة مسؤوليتها الإقليمية في الحفاظ على مقدرات دولة عربية شقيقة، وها هي اليوم وبدعم منقطع النظير من محيطنا العربي والإسلامي وكذلك من الدول الصديقة تستمر في أداء مهمتها وبقيادة الملك سلمان الذي أثبت أنه سلمان الحزم القادر على إعادة الأمور إلى نصابها من جديد. فهل تدرك جماعة الحوثي مسلسل أخطائها المتتالية وتتدارك الموقف؟ وتعود إلى جادة الصواب لتغلب مصلحة اليمن وشعبه على مصالحها الخاصة؟ أم تستمر في طريق قد يكلفها الكثير؟
هذا ما سوف تفصح عنه قادم الأيام.