بدأت عملية "عاصفة الحزم" التي تهدف إلى إرساء شرعية الحكومة اليمنية ومؤسساتها بقيادة مجلس التعاون لدول الخليج العربية، بقرار قادته المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ودولة الكويت ودولة قطر ومملكة البحرين، ضمن حلف عربي إسلامي يشمل جمهورية مصر العربية، والمملكة المغربية، وجمهورية السودان، والمملكة الأردنية الهاشمية، إضافة إلى الجمهورية التركية، وجمهورية باكستان الإسلامية التي تدرس خيار مشاركتها العسكرية.
حظيت "عاصفة الحزم" بتأييد دولي -حتى اللحظة- من قبل كل من الولايات المتحدة الأميركية، والجمهورية الفرنسية، والمملكة المتحدة، ومملكة بلجيكا.
إن هدف العملية العسكرية التي قادتها المملكة وحلفاؤها في مجلس التعاون والعالم العربي والدول الشقيقة، يكمن في إرساء السلطة الرسمية الشرعية في الجمهورية اليمنية برئاسة الرئيس عبدربه منصور هادي الذي واجهت حكومته خطر الاختطاف وانهيار مؤسسات الدولة اليمنية، فاستنجد وطلب تدخلا خليجيا لإعادة الأمور إلى نصابها بعد أن سيطر الحوثيون وعدوّهم بالأمس حليفهم اليوم الرئيس السابق علي عبدالله صالح على مؤسسات الدولة، وفشلت معهم كل سبل الحوار والحلول السياسية، بعد أن توهموا أن لا قوة قادرة على ردعهم في ظل الدعم الإيراني، وتركيز قوى السلم الخليجية على الحوار والتوافق السياسي، إلا أن الحوثيين وحليفهم الرئيس السابق رفضوا نداء العقل وقرروا الارتماء في الحضن الإيراني متخلين عن عمقهم العربي لصالح النفوذ الفارسي، ووصلت الأمور أخيرا إلى درجة "احتلال" اليمن عسكريا وإلغاء كل مكوناته الاجتماعية والسياسية، وتدمير مؤسسات الدولة اليمنية بعد السيطرة على حوالى سبعين بالمئة من القوات العسكرية.
الحرب يفرضها الواقع، وهذا ما أراده الحوثيون وحليفهم، إذ لم يفكروا برهة في مصلحة اليمن بشكل عام، فرغم التحذيرات ومحاولات الاحتواء التي قام بها مجلس التعاون الخليجي الذي أنقذ ما تبقى من اليمن عبر "المبادرة الخليجية"، إلا أن "الحوثي" لم يفكر في إنقاذ اليمن بقدر تفكيره في الاستحواذ عليه حتى لو أدى ذلك إلى تدميره!
ليس كافيا أن نقول إن اليمن يعدّ عمقا خليجيا بارتباطه معه بروابط وأواصر ثقافية وتاريخية وجغرافية وديموغرافية، أرادت لها الأطماع الفارسية أن تتغير وفق رغبتها ومصالحها، وكانت اليد الحوثية هي الأداة الرئيس لهذه الأطماع، لا سيما بعد الاضطرابات السياسية التي طرأت عليها بعد عام 2011 بفعل السياسة الرعناء للرئيس اليمني السابق علي صالح التي اتضح اليوم أنه يعيد الحمق السياسي ذاته الذي مارسه طوال العقود التي قضاها في السلطة، إلا أن عملية "عاصفة الحزم" التي قادتها المملكة وشقيقاتها دول الخليج ستعيد الأمور إلى نصابها بشكل يضمن استمرار اليمن عمقا عربيا مستقرا، من خلال إرساء السلطة وتداولها فيه دون أن يؤثر ذلك على العمق الثقافي والسياسي والاستراتيجي للمنطقة.
من بداهة القول إننا دخلنا عملية "عاصفة الحزم" مكرهين، فهي لم تكن خيارا ضمن خيارات أخرى، بل كانت خيارا وحيدا فرضه الواقع المتعنت للقوى الحوثية التي اعتقدت لوهلة أن دفاع أشقاء اليمن عنه أمر مستبعد، ولكن المملكة بقيادة الملك الحازم سلمان بن عبدالعزيز، وقفت موقف الحزم والعزم في آن واحد: الحزم تجاه أي محاولات للعبث بأي شكل كان في الأمن الوطني السعودي والأمن القومي العربي، على السواء، ولن يسمح بزعزعة استقرار المنطقة أكثر، وأيضا العزم على مساعدة اليمن اقتصاديا وتنمويا للخروج من نفقها المظلم الذي وُضعت فيه قسرا، وفي هاتين الرسالتين يتضح حرص المملكة على الاستقرار والتوافق العربي، فإذا كانت نخلة الخير بيد، فلا ننسى أن السيف في اليد الأخرى، ولا مجال لأنصاف الحلول في ظل تكالب الأطماع من حولنا، وحين لا يرتدع مريدو البغي والظلم والعدوان بالحسنى، فإن ردعهم بالحزم والقوة واجب قومي وإنساني.