ليت للزمن ضفافا نجنح إليها ونسند رؤوسنا إلى التراب. نرتاح لو ساعة من معاقرة هذه الموجة الدامية التي لا تترك لنا فرصة لنلتفت أو نفهم.

كنا صبيانا حين زار أنور السادات القدس، وظهر في الوجود اسم "جبهة الصمود والتصدي" ضد مخططات إسرائيل، وضمّت الجبهة "سورية والجزائر والعراق ومنظمة التحرير وليبيا واليمن الجنوبي".

بعد إخراج "ملك ملوك أفريقيا" من ممر مياه، تكاثرت الحكومات في ليبيا وتناسلت البرلمانات، وكل له جيش وطائرات!

أما سورية فحالها لا يخفى على أحد اليوم، تسقط المدن عشرات المرات وتستعاد عشرات المرات، من مختلف الحركات.

أما "البوابة الشرقية للأمة" فقد تفتح أبوابا ودماء على مصاريعها، صحوات على قاعدة، ميليشيات على فيالق، جيوش على حشود، "داعش" على بيشمركة، لكن أوضح صورة قادمة من الرافدين صورة الفيل الفارسي يخوض أنهار العراق غربا ليلتقط "سيلفي" في تكريت، تكريت بالذات! فقاسم سليماني يأتي عادة "حينما نحتاجه" كما أفاد قائد الحشد الشعبي العراقي. نعم؛ يقول "حينما نحتاجه"!

فلسطين صارت حكومتين! وما بقي صامدا ومتصديا سوى إسرائيل!

حين انزلق القطيع الشيوعي بخفة في التاريخ نسي وراءه نعجة وحيدة جائعة كانت عاصمة من عواصم "الصمود والتصدي" يقال لها "عدن" فعدا عليها ذئب يرقص على رؤوس الأفاعي، ألحقها بصنعاء وأخرج منها "الرفاق" بلا عودة.

الآن، اعجبْ أو لا تعجب، تعود "عدن" عاصمة حين دخلها ليلا رئيس الجمهورية فارّا من صنعاء المزحومة بالذئب والفيل، الذئب الذي أنهكته الأفاعي، والفيل الفارسي القديم الذي سيطر على اليمن، يوم استعان به ابن ذي يزن.

في اليمن اليوم جيوش متعددة الولاءات، وطبول حرب، ميليشيات تتقاتل في الطرقات، مذاهب تتذابح في المساجد، فقر وأحزمة ناسفة، وطائرات القوات المسلحة من صنعاء تضرب "قائدها الأعلى" في عدن.

قصر الرئاسة في صنعاء يعلن التعبئة العامة، وقصر الرئاسة في عدن يعلن "التصدي، في صنعاء لجنة عليا مرجعها في صعدة، وفي عدن رئيس معه وزير واحد.

تكثر الحسابات في اليمن، القريب والبعيد، الأفيال والذئاب والأفاعي.

إنما لليمن حساب. وسينتصر حساب اليمن.

"رددي أيتها الدنيا نشيدي

ردديه وأعيدي وأعيدي".