كنت أعتقد حتى وقت قريب أن الاجتماعات في داخل كل المؤسسات والشركات، حكومية كانت أو خاصة، هي المطبخ الذي تعد فيه وصفات التطوير والرقي بالمنشأة، وتحسين خدماتها كما تعد فيها الوصفات التي تزيد من كفاءة موظفيها وتكسبهم خبرة ودراية، إلا أنني بدأت أفقد قناعاتي شيئا فشيئا وأنا أشاهد الاجتماعات تتزايد وتتمدد وتكثر أوراق العمل المقدمة، والورش والاقتراحات، إلا أن وضع الخدمات كما هو عليه، إن لم يكن قد ازداد سوءا بسبب هدر الوقت في هذه الاجتماعات التي لا تتجاوز كونها مساحة مقننة للثرثرة، وتأخير المستفيدين والمراجعين بسبب انشغال الموظفين بالاجتماع.

وليت مصيبتنا تقف عند حدود الاجتماعات العبثية، بل إنها تمتد إلى هدر أكبر عن طريق الدراسات المزمع القيام بها مسخرين لها الوقت والمال والجهد، ثم ينتهي بها المطاف في الأدراج، دون الإفادة مما توصلت إليه هذه الدراسة أو تلك، ودون أن تغير واقعا.

أعتقد أننا أهدرنا من الوقت ما يكفي، وآن الأوان لتمزيق أوراق العمل عديمة الجدوى، والتوقف عن تقديم الاقتراحات اللامنطقية التي لا تجد لها مكانا صلبا تقف عليه على أرض الواقع، والتوجه إلى البناء والتأسيس على قواعد متينة جذورها ضاربة في عمق الواقع.