فيما افتتح أمير منطقة الرياض الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز، نيابة عن خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز أعمال المؤتمر الدولي لمكافحة الفساد أمس، بشعار "مكافحة الفساد.. مسؤولية الجميع"، الذي تنظمه الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد "نزاهة" بمدينة الرياض ويستمر يومين، عد رئيس الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وزير العدل اللبناني اللواء أشرف ريفي تحسين 11 دولة عربية بينها السعودية علامتها في مؤشر مدركات الفساد منذ 2010 تقدما حققته المنطقة العربية في مجال مكافحة الفساد.
وأكد الأمير فيصل بن بندر بن عبدالعزيز تطلع الجميع للاستفادة من الهيئات المعنية بالشفافية والمحاسبة والرقابة المشاركة في المؤتمر من خلال تبادل الخبرات والتجارب النافعة وما سيطرح من أفكار ومقترحات تستفيد منها جميع الهيئات والمنظمات المشاركة.
وقال الأمير فيصل في كلمته: "إن نهج المملكة منذ قيامها السير على منهج الشريعة، وجعل القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة مصدر دستورها ومنبع أنظمتها وقوانينها"، مضيفا :"إن المملكة بادرت بوضع تنظيمات لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، ومنها إقرار استراتيجية وطنية لذلك، وتأسيس هيئة متخصصة مستقلة، وإننا مع اهتمامنا مع ما يبذل من جهود مكثفة في كل المجالس والهيئات والدواوين لدينا، نأمل أن تصبح بلادنا نموذجا يحتذى به في النزاهة، بما ينسجم مع خلق الإسلام وتعاليمه، ومع القيم الإنسانية الأصيلة".
وتابع الأمير فيصل: "إن الجهود في مكافحة الفساد لم تقتصر على إقرار الاستراتيجية وعلى تأسيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، بل سبق ذلك منذ تأسيس هذه البلاد على يد الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن -رحمه الله – في إنشاء العديد من الأجهزة المكلفة بالرقابة، وبالتحقيق والمحاسبة، علاوة على اختصاص مجلس الشورى بالرقابة ودراسة أداء الأجهزة الحكومية".
وأردف الأمير فيصل بن بندر في كلمته: "إننا نؤكد على مسؤولية الجميع في حماية النزاهة ومكافحة الفساد، كون الفساد مشكلة عالمية ينبغي أن تتضافر الجهود للقضاء عليها، وهذه الدولة المباركة ماضية، في تعزيز المبادئ التي تضمنتها الاستراتيجية الوطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، ومواصلة دعم الأهداف التي تعمل هيئات الرقابة لدينا من أجلها".
من جانبه، أكد رئيس الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد الدكتور خالد المحيسن في كلمته أن مكافحة الفساد وحماية النزاهة تحظى بعناية المجتمع الدولي واهتمامه، فبادرت الأمم المتحدة في عام 2003 إلى تبني مشروع اتفاق دولي لمكافحة الفساد صادقت عليه معظم دول العالم من بينها المملكة، لافتا إلى أن المملكة أسست منذ قيامها دواوين تعنى بالرقابة والمحاسبة، وبادرت بالاستجابة لاستحقاقات الاتفاق الأممي، كما اعتمدت في عام 2007 استراتيجية شاملة لمكافحة الفساد وحماية النزاهة، وأنشأت عام 2011 هيئة متخصصة مستقلة.
وبين المحيسن أن انعقاد هذا المؤتمر الدولي يأتي ضمن إسهام المملكة في الجهود الدولية لمكافحة الفساد، بتبادل الخبرات والتجارب والرؤى من مختلف المجتمعات، إضافة إلى التعريف بجهودها عبر العقود في حماية النزاهة ومكافحة الفساد.
ونوه المحيسن بإدراك "نزاهة" لأهمية تنفيذ المشاريع التنموية والاقتصادية والخدمية وفق مواعيدها ومواصفاتها، مؤكدا أن جهود الهيئة توجهت لمتابعة تنفيذ تلك العقود للمشاريع والتأكد من الالتزام بها والتحري عن أوجه الفساد المالي والإداري فيها.
ولفت المحيسن إلى التوجيه الكريم لخادم الحرمين الشريفين في كلمته لأبنائه المواطنين والمواطنات، بمراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهماتها ومسؤولياتها، وبما يسهم في القضاء على الفساد ويحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين.
كما ألقى رئيس الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد وزير العدل في الجمهورية اللبنانية اللواء أشرف ريفي كلمة قال فيها: "لا يخفى على أحد الوضع الصعب الذي يمر به بلدي لبنان، ولا أشك أن الفساد أصل في معضلتنا، إذ أنه بات يشكل تهديدا مباشرا لكيان الدولة وتماسك المجتمع، لذا فإننا حريصون على الاستفادة من التجارب والخبرات العربية والدولية، وعلى بناء الشراكات اللازمة للتعامل مع هذا التهديد بشكل أكثر فعالية".
وبين ريفي أن "الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد" تحرص في عملها على تجسيد مبدأ المشاركة، قائلا "إذ إنها ومنذ قيامها في 2008، تقوم بتوفير مساحة مشتركة للجميع وآلية عمل فريدة لدعم التعاون بينهم، وتضم 45 وزارة وهيئة من 17 دولة عربية، و20 منظمة مستقلة من المجتمع المدني والقطاع الخاص والمجال الأكاديمي، بالإضافة إلى عضوين مراقبين من حكومتي البرازيل وماليزيا".
وأشار ريفي إلى أن الشبكة نجحت حتى الآن في تدريب أكثر من 800 مسؤول وناشط من 19 بلدا عربيا، ومكنت عشر دول عربية من تطوير سياساتها وقوانينها ذات الصلة.
وقال ريفي "بالفعل فإن منطقتنا تشهد بعض التقدم في هذا المجال، وإن كان لا يرقى بعد إلى تطلعاتنا"، وأعطي مثالا بمؤشر مدركات الفساد، الذي تصدره منظمة الشفافية الدولية، الذي يبين أن 11 دولة عربية حسنت علامتها على المؤشر منذ 2010، ولكن المعدل العربي يبقى أدنى من نظيره العالمي الذي لم تتخطاه إلا سبع دول عربية بينها السعودية".