كثر الكلام عن نزاهة والفساد ما بين رأي ودراسة وحدث، وأغلب ما قرأت كان يركز على الفساد وحده دون التطرق لأسباب وجوده، فإذا سلمنا بقانون الفيزياء "لكل فعل ردة فعل مساوية له بالقوة معاكسة له بالاتجاه" فإننا نصنف الفساد كردة فعل عكسية غالطت الفيزياء لتكون أكثر قوة.
وليبرز السؤال ما هو الفعل الأساس لوجود هذا الفساد؟ يجب أن تدرك نزاهة أن جهودها بعثرتها الرياح في ظل وجود نظام إداري مترهل، قد تنجح في تخفيف الفساد الإداري، ولكن لن تنجح أبدا في منع أو حتى تخفيف الفساد المالي في عقود الأشغال العامة، وهو ما يستحوذ على الجزء الأعظم من ميزانية الدولة، يجب أن تدرك أن الإجراءات الإدارية المتبعة بدءا بدراسة المشروع وانتهاء باستلام الموقع متخلخلة، وتزداد الأمور سوءا بعد ذلك بأساليب الإشراف الهندسي على المشاريع التي تفتقد لمعايير كثيرة سمحت للفساد بأن يدب ويعشش فيها رغما عن الشرفاء، يجب على نزاهة أن تبدأ بتحديد الفعل الأساسي المسبب للفساد ووضع دوائر حمراء على بوابات الفساد في نظام المنافسات والمشتريات بدءا من اللوائح القانونية وانتهاء بالمهندس الذي حمل على عاتقه كل المسؤولية، لم أكتب لأمرر مطلبا شرعيا للمهندس بإيجاد كادر هندسي، ولكن هذا الواقع المرير لن يصلح إلا بمنظومة متكاملة أحد أجزائها الرئيسية كادر المهندسين.