الأساليب العدوانية لدى بعض الأمهات والآباء الذين يتخذون من العقاب البدني أو اللفظي سبيلا إلى ضبط سلوك الطفل، تتسبب في كثير من المشكلات النفسية، وأهمها اكتساب الطفل نموذج العنف والتعامل به مع الآخرين.

هناك دراسات تشير إلى أن الآباء العدوانيين ينتمون إلى مستويات اجتماعية منخفضة، ويعزون معظم المشكلات التي تحل بهم إلى أطفالهم، وهذا يتسبب في عدم القدرة على تطبيع الطفل اجتماعيا، ويعني أيضا تزايد العاهات النفسية، وتشعب المشكلة في نواحي عدة.

في خبر قرأناه قبل أيام أوضح فيه المدير العام لفرع وزارة الشؤون الاجتماعية ورئيس وحدة الحماية بحائل، أن الجهات المتخصصة تتابع حالة الطفلة المعنفة "نورة الرشيدي"، وأن الطفلة ستسحب من والدتها وتودع في دار الإيواء بعد تكرار الاعتداء عليها، وفشل المحاولات في تقويم سلوك الأم، وإن كان إبعاد الطفلة عن والدتها أمرا مؤسفا، إلا أنه كعقوبة يعد حلا مجديا، هذا إذا كان الوالدان أو أحدهما لا يقدّر معنى أن يأتي إلى الدنيا بإنسان ثم يؤذيه.

هذه الحالة ليست جديدة، وليست الوحيدة، إنما هي مسلسل متكرر من المآسي والاستمرار في انتهاك الكرامة الإنسانية، خصوصا لدى الأطفال، وسنتوقع أن تكون هناك كثير من الحالات التي تتألم في الخفاء، وستظهر في كل فترة بصورة جديدة وسيناريو مختلف، هذا إذا لم نكن جادين في إقرار نظام يحمي الأطفال، وإذا لم توجد خطة ودراسة يعمل عليها ذوو الاختصاص لمعالجة المشكلة وإيجاد الحلول.

هناك حاجة ماسة إلى تعديل اتجاهات الوالدين ودعمها بوضع برامج التأهيل للزواج، وإخضاع الزوجين جبريا إلى تدريب توعوي متكامل، ينمي حس المسؤولية تجاه الأسرة وتربية الأطفال، إضافة إلى حالات الانفصال عن الزواج، إذ إن اتجاهات الوالدين مهمة في تكوين الجانب الانفعالي لدى الطفل وضرورية لتشكيل سلوكه الاجتماعي.

على وزارة الشؤون الاجتماعية أن تطور برامج الحماية، وتعيد النظر في تقييم دور الإيواء وتحسين أدائها لتكون ملجأ آمنا، فبعض الأحداث أثبتت مدى السوء الذي تتلقاه اللاجئات، وهذه الدور من مؤسسات الخدمة الاجتماعية في حاجة إلى أن يشغل وظائفها ذوو الاختصاص، المؤهلون علميا وتربويا للتعامل مع هذه الحالات وتأهيلها، وعلى وزارة التعليم أن تعنى بتوجيه إدارات المدارس إلى التعامل مع حالات العنف من خلال الإرشاد الطلابي وتطويره، والتدخل المباشر في علاج هذه الحالات أو الإبلاغ عنها، لأن المدرسة تؤدي دور المساندة للأسرة، الأمر الذي يضمن الاستقرار النفسي للطفل، كي تسير عملية التنشئة الاجتماعية بالشكل السليم.