هل يمكن لكتاب ما أن ينتشر وتصل سمعته الآفاق دون أن تؤلف منه كلمة واحدة؟!

قد يكون هذا الافتراض غير منطقي، لكنه حدث بالفعل قبل سنوات مع كتاب "رسائل حب من رجال عظماء".

تعود القصة الطريفة لهذا الكتاب الذي أُلف بعد أن ذاع خبره، وصار الجمهور يبحث عنه دون أن يجده، إلى عام 2008 حينما ظهر فيلم "الجنس والمدينة" الذي كان امتدادا للمسلسل الأميركي الشهير الذي يحمل نفس العنوان، هذا المسلسل اعتمد في حبكته على سرد تفاصيل حياة أربع نسوة "نيويوركيات" تربطهن علاقة صداقة متينة، ونظرا لنجاحه ستة مواسم متتالية ظهرت منه بعد أربع سنوات من انتهائه نسخة سينمائية.

المهم –هنا- أن إحدى بطلات القصة "كاري برادشو" –لعبت دورها سارة جاسيكا باركر- ظهرت تتصفح كتابا رومانسيا في أحد المشاهد، وكان العنوان الظاهر على غلافه: "رسائل حب من رجال عظماء" وعلى الفور وخلال أيام قليلة على إطلاق الفيلم في صالات السينما توجهّت مئات الآلاف من النساء للبحث عنه، بالطبع لم يكن كتابا من الأساس، بل مجرد ديكور لمشهد عابر!

لكن دار نشر "سانت مارتن" استغلت هذا الهوس النسوي والطلب المتكرر على الكتاب، فعهدت إلى "أورسلا دودلى" تحرير كتاب يحمل نفس العنوان، وهذا ما تم، إذ وخلال أسابيع قليلة نشر الكتاب ووزع على نطاق واسع، وفيه جمعت المحررة بين دفتيه باقة منتقاة من رسائل رجال مشاهير إلى زوجاتهم أو عشيقاتهم، من موسيقيين كبيتهوفن أو موزارت، أو كتاب كمارك توين أو ويلم كنغرف، أو شعراء كأوسكار وايلد أو روبرت براوننج، أو حتى علماء طبيعة كتشارلز داروين!

الكل كتب رسائله إلى الأنثى بأسلوبه المختلف، بيد أن جميع تلك الرسائل حملت الكثير من العاطفة والغيرة والشوق، ما جعل الكتاب يزداد انتشارا بين جمهوره الذي كان يبحث عنه قبل أن يؤلف. وسبحان موزع الأرزاق!