حظيت حقوق المرأة السعودية في السنوات الأخيرة باهتمام واضح خاصة في الجانبين الحقوقي والاجتماعي، وهو ما اتسمت به بعض الإجراءات القانونية التي من شأنها حماية حقوق المرأة سواء على المستوى الأسري أو التعليمي أو الاجتماعي.
ومن تلك الملفات التي طالما أرقت المرأة السعودية في أروقة المحاكم، ملف الحضانة والنفقة، وكذلك استخراج الأوراق الرسمية، وكذلك نظام الحماية من الإيذاء على الرغم من أن هذا النظام يكفل حق الجميع ومن ضمنهم النساء في حماية أنفسهن من العنف والإيذاء وإعطائهن الحق في الحماية والتقاضي ضد من يمارس ضدهن أي نوع من أنواع العنف.
وبمناسبة اليوم العالمي للمرأة تحدث عدد من الأكاديميات والحقوقيات وسيدات الأعمال إلى "الوطن" وسردن بعض الإنجازات فيما يخص الملف الحقوقي للمرأة في المملكة.
الحضانة والأحوال الشخصية
تقول المحامية بيان زهران إن من أهم القرارات التي صدرت من مجلس القضاء الأعلى قرار تمكين المرأة التي صدر لها حكم شرعي بحضانة أبنائها، من التصرف نيابة عنهم أمام الجهات الرسمية، وإنهاء ما يخص "المحضون" من إجراءات فيما عدا السفر. وأضافت أن ذلك كان بمثابة طوق نجاة للمرأة الحاضنة التي طالما عانت من تعسف وظلم الزوج ويعتبر هذا القرار من القرارات الجريئة التي تصب في مصلحة المرأة ووضع حلول لما كانت تعاني منه الأم المطلقة في رؤية أبنائها.
وأكدت زهران أن المحاكم الشخصية التي أقرت في آخر عامين أسهمت في حل الكثير من القضايا العالقة بالنسبة للنساء، وحسب وزارة العدل فإن محاكم الأحوال الشخصية تنهي أغلب القضايا الأسرية مثل الطلاق، والحضانة، والنفقة، وغيرها في أسبوع، ما عدا ما يتطلب تأخيرها نظاما.
وسجلت معظم محاكم البلاد انخفاضا كبيرا في المواعيد وإنجاز الكثير من القضايا بسبب دعم المحاكم بقضاة وتخصيص المحاكم وتدريب الموظفين والقضاة تدريبا مكثفا وإعادة الهيكلة الإدارية في بعض المحاكم.
وأضافت زهران: "على الرغم من كل ذلك، إلا أن القانون منع المطلقات من السفر برفقة أبنائهن خارج المملكة، ولا يزال هذا الأمر يورق العديد من السيدات اللاتي أصبحن لا يستطعن أخذ أبنائهن حتى في الإجازات إلا بموافقة الأب، ما يدخل المرأة في جدال آخر مع الطليق الذي يفرض شروطه على طليقته حتى تتمكن من أخذ موافقة منه لسفر أبنائها معها إلى الخارج، وفي كثير من الأحيان يرفض هؤلاء الأزواج إعطاء مطلقاتهن الموافقة بالسماح بسفر الأبناء لوجود الخلافات بينهم".
مراكز وتصنيفات
في الأعوام الأخيرة، أولت الكثير من وسائل الإعلام اهتماما بالمرأة السعودية، وكان ذلك جليا من خلال مشاركة السعوديات في الأنشطة الاجتماعية والثقافية. وترى مديرة العلاقات في إحدى شركات الدعاية والإعلام إلهام بافرط أن ما تحققه المرأة في المملكة من إنجازات سواء على المستوى الشخصي والاجتماعي ينتشر بسرعة نظرا للثورة التقنية، ما جعلنا نشعر أن المرأة السعودية أصبح لها تأثير وذلك من خلال ما تنشره بعض وسائل الإعلام العربية والأجنبية عن مستوى التأثير الذي قد تحدثه أي شخصية نسائية.
وأضافت أن ما تحقق للمرأة في زيادة عدد البعثات للطالبات السعودية يعد إنجازا أسهم في تمكين المرأة من إكمال تعليمها في تخصصات نادرة، كذلك تبوأ البعض منهم مناصب مهمة في بعض المجالات. وقالت إن المرأة السعودية دخلت ضمن قائمة الأكثر نفوذا، حيث احتلت نائبة وزير التعليم نورة الفايز المركز 11، كذلك لمعت أسماء كبيرة في مجالات عدة واستطعن العمل في مجالات لم يكن بمقدورهن دخولها. وأضافت "لنا في قرار تأنيث المحال النسائية أكبر دليل على حرص الدولة أن تعمل المرأة فيما يخصها وهو قرار وفر الآلاف من فرص العمل وجعل النساء يعتمدن على أنفسهن في كسب الرزق، هذا إضافة إلى الاهتمام الواضح بأنشطة الأسر المنتجة وعرضها وبيعها في الأسواق ما أثمر عن دخول المرأة كشريك أساس في عملية التنمية".
ومن الأمثلة التي أكدت على تفوق المرأة في مجالات عدة المنصب الذي احتلته الدكتورة ثريا أحمد عبيد حيث أصبحت نائبا للأمين العام للأمم المتحدة لشؤون الإسكان واللاجئين من عام 2000، وهي أول عربية تتبوأ هذا المنصب، وكذلك البروفيسورة غادة بنت مطلق بن عبد الرحمن المطيري، التي نالت جائزة الإبداع العلمي من أكبر منظمة لدعم البحث العلمي في الولايات المتحدة الأميركية، والدكتورة حياة بنت سليمان سندي في جامعة هارفرد الأميركية وهي مبتكرة لجهاز يعني بكشف الأمراض.
قرارات ثمينة
من جهتها، أكدت سيدة الأعمال غادة غزاوي أن ما تحقق للمرأة السعودية في مجال الأعمال ينم عن السياسة الرامية لتمكين المرأة اقتصاديا، فالعمل في محال المستلزمات النسائية واقتحام مجال العمل في القطاع الخاص بكل قوة ودعم المرأة من خلال كثير من البرامج كحافز وغيرها أدلة على الحرص على المرأة وتعديد القنوات الاقتصادية بالنسبة لديها.
وأضافت غزاوي "دخلت المرأة السعودية مجلس الشورى لتسهم في صناعة القرار، وهذا الأمر عزز من مكانتها، وكذلك هي مرشحة بقوة للعمل في المجالس البلدية، ومن الأمثلة التي نذكرها الدكتورة خولة الكريع وما حققته من إنجاز، وقد منحها خادم الحرمين الشريفين وسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى، وكذلك الدكتورة هيفاء جمل الليل، رئيسة جامعة عفت في جدة، وهي تعد أول تجربة أهلية نسائية سعودية في مجال التعليم العالي الأهلي".
تفعيل بعض الأنظمة
من جانبها، أكدت الحقوقية سميرة الغامدي أن الأنظمة الأخيرة التي أصدرتها الدولة فيما يتعلق بإيقاف العنف ضد المرأة وكذلك العنف ضد الطفل تعد من الإنجازات التي حققت الحماية للمرأة، لكن لا يزال نظام الحماية من الإيذاء يحتاج لتفعيل بشكل أكثر. وأضافت "لا تزال هناك سيدات معنفات أو أطفال معنفين يعانون من عدم وجود مقرات لإيوائهم فكثير من دور الإيواء التابعة للشؤون الاجتماعية والمعرفة بدار الحماية لا تستوعب كافة الحالات مما يدفع الجهات الأمنية لتسليم المعنف لولي أمره ما يزيد الأمر سوءا، كذلك لابد من وجود ترابط بين جميع الجهات المعنية لتطبيق نظام الحماية من الإيذاء، حيث إن اللائحة الصادرة لهذا النظام تعد قيمة لكن لا يوجد تطبيق على أرض الواقع لها".
على المستوى التعليمي، لم تجد المرأة في المملكة أي عقبات تعليمية خاصة أن المملكة اهتمت بهذا القطاع منذ عام 1379هـ، حيث يوجد الآن أكثر من 2.5 مليون طالبة يدرسن في مختلف مراحل التعليم العام، ويتلقين تعليمهن على يد 300750 معلمة في 18710 مدارس للبنات في محافظات ومناطق المملكة، كما يدرس منهن 515192 طالبة في مرحلة البكالوريوس و24498 طالبة في الدراسات العليا موزعات في أكثر من 300 كلية ومعهد عال في المملكة، وتمثل المرأة ما نسبته 51.8 % من إجمالي طلبة الجامعات الحكومية و49 % من طلبة الجامعات الأهلية، وأكثر من ثلث مبتعثي برنامج الملك عبدالله بن عبدالعزيز للابتعاث الخارجي، بحسب إحصاءات وزارة التعليم.