في حين عزف المثقفون والمثقفات عن أنديتهم الأدبية سجل عدد كبير منهم حراكا على مواقع التواصل الاجتماعي من خلال بعض البرامج التي تتيح المحادثات الجماعية "القروبات" التي تضم جمعا منهم، وتقوم مقام الأندية الأدبية أو الصوالين الأدبية الخاصة أو العامة، من حيث عقد الأمسيات الثقافية المتنوعة، بحيث يتم التحضير لها مسبقا دون بروتوكولات الأندية الأدبية وديكتاتورية رؤسائها تجاه مثقفيها.

وقالت عضو مجلس إدارة نادي الطائف الأدبي سارة الأزوري مديرة ملتقى "مبدعات الحرف والكلمة" على "الواتس آب"، الذي يضم جمعا كبيرا من مثقفات وأديبات وأكاديميات المملكة والخليج والعالم العربي إن رؤيتها للتجمع الثقافي هي السعي لخلق الوعي وتشجيع الإبداع بين أفراد المجموعة، لتصبح من النخب المميزة التي تسهم في خلق تغيير حقيقي بين أفراد المجتمع، ورسالتها نشر الوعي وتشجيع الإبداع من خلال عمل مناشط ثقافية تحقق ذلك من خلال الأماسي والملتقيات، أو الزيارات التي تقوم بها إحدى العضوات، وشرح كل ما يدور في الزيارات والملتقيات.

وبينت أن من أهداف الملتقى إنشاء علاقة بين المبدعات من خلال التعرف على إنتاج كل منهن، وعرضه وتناوله من قبل الجميع بالنقد البناء والتوجيه، وتمرين النفس على تقبل الرأي الآخر بأريحية، وخلق جو أسري ثقافي من خلال الاجتماعات الدورية وتبادل الآراء والخبرات، والتشجيع على القراءة والتواصل مع الإبداع من خلال ما يطرح على الساحة الثقافية.

وأشارت إلى أن من أنشطة الملتقى إقامة الأمسيات الأدبية المتنوعة، عقد الندوات والمحاضرات في القضايا الثقافية المعاصرة، تنظيم الملتقيات الثقافية والأدبية، والاحتفاء بما تصدره المبدعة من إنتاج أدبي وثقافي، والتشجيع على القراءة والتواصل مع الإبداع من خلال ما يطرح على الساحة الثقافية.

تفعيل وتسول

وقالت الشاعرة الدكتورة هند المطيري إنها وجدت "قروبا واحدا فقط يفعّل الهم الثقافي، ويضم نخبة ممن يعنيهم الهم الثقافي، وإن كانوا من غير فئة المثقفين"، مؤكدة أن طبيعة المجموعة هي التي تفرض الموضوعات.

وأضافت "المجموعة التي أوجد فيها لها أمين عام يعمل على تنظيم برنامج القروب الذي يتضمن قصائد الأسبوع وضيوف الحوار وقضايا للنقاش، ومثل هذه المجموعات قلة، وقد أصدرت المجموعة العدد الأول من كتاب "الحصاد" وهو عبارة عن الموضوعات التي تطرح في القروب، وبينت أنه تم توزيعه في حفل تكريم وزير الثقافة والإعلام السابق عبدالعزيز خوجه، وجار العمل الآن على إصدار العدد الثاني منه".

وذكرت أن مثل هذه الملتقيات تعد إضافة للمثقف ويتم التفاعل معها، مشيرة إلى أنها توجد في عدد من الملتقيات على "الواتس أب" وجميع هذه القروبات "مجرد أحاديث وسوالف لا علاقة لها بالثقافة، علما بأنها تضم جمعا من المثقفين والمثقفات، وقلة منهم تناقش الهم الثقافي"، مؤكدة أن هذه القروبات ليست من باب الثقافة والعلم والمعرفة، وإنما مفتوحة للتعارف أو للدعاية والإعلان وتسويق الذات والحكايات الخاصة بربات المنازل وتبادل الصور والتعليقات، وبينت أن هذه القروبات تكون من أجل الحصول على فرص ودعوة مدفوعة التكاليف كتذاكر وسكن في بلد معين لحضور فعاليات ثقافية محليا وخليجيا وعربيا، وهذه الدعوات لا يستحقها إلا المثقف الحقيقي الذي لا يستطيع أحيانا دفع قيمة التذاكر والكلفة.

وأضافت أنهم يتسولون الدعوات للفعاليات التي تُقام في أي مكان، لدرجة أنك تقرأ في هذه القروبات "لا تنسوني من الدعوات"، وقالت إنه ينبغي أن يكون لدى هذه القروبات التي تضم المثقفين والمثقفات رؤى تنورية ولقاءات لأهداف معلنة.

ليست بديلا

ورأت الناقدة الدكتورة ميساء خواجا أنه قروبات "الواتس أب" لا تقوم مقام الأندية الأدبية أو المؤسسات الثقافية، لأن الأندية والمؤسسات تشهد عملا منظما يقوم على طرح محاور ومواضيع ورؤى معينة، وأضافت "ما تقوم به القروبات يؤسس شبكة علاقات اجتماعية وثقافية ويسمح بالتواصل، وهذا سريع وسهل، لكن اللقاءات على "الواتس آب" تبقى غير مخطط أو مجهز لها، ولا تحمل صبغة الجدية إلا فيما ندر، والأفكار تُطرح بشكل سريع بحدود ما يسمح به التواصل السريع على الواتس آب، ويمكن أن تعطي مؤشرات وأفكارا معينة، لكنها أفكار غير متعمقة، إلا في حالات نادرة، وفي النهاية تتحول إلى دردشات اجتماعية في الأغلب.

وقالت إن "الطرح الجاد يأتي نادرا، وهو لا يغني عن عمل الأندية الأدبية والمؤسسات الثقافية التي تخضع فعالياتها للتحضير والدراسة والقراءة، وتوضع تحت محاور ثابتة تأخذ مساحتها من الوقت والتفكير والتفاعل".

استثمار تقني

وقالت عضو نادي جازان الأدبي تهاني إبراهيم إن المجموعات الثقافية في برنامج "الواتس آب" أنموذج يعكس مدى استشعار المثقفين بثورة التواصل الاجتماعي والاستفادة منها في نشر نتاجهم وتبادل الآراء والتواصل فيما بينهم، في جو يلغي الفوارق المكانية والزمانية، خاصة إن كانت هذه المجموعات تعتمد على تبادل الآراء والنقد البناء ونشر النتاج الأدبي والثقافي.