في الوقت الذي يعمل فيه مجموعة من الأطفال تراوح أعمارهم بين 6 إلى 15 عاما داخل ورش السيارات في المدينة المنورة، أوضحت المشرفة العامة على مكتب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمنطقة المدينة المنورة شرف القرافي أن مراقبة تشغيل الصغار من مهمات حقوق الإنسان في المملكة، بناء على الاتفاق الذي وقع عليه في ميثاق الأمم المتحدة المتعلق بعدم تشغيل الأطفال فيمن هم دون الـ18.

وأكدت القرافي لـ"الوطن" أن "الجمعية تتعامل بجدية مع موضوع تشغيل الأطفال، كونه خرقا لما جاء في حقوق الطفل، ويتسبب في حرمانه من التعليم، واستغلاله للاستفادة من تشغيله دون السن القانونية"، مشيرة إلى وجود جولات ميدانية يقوم بها المكتب والجهات الحكومية الأخرى في المواقع التي يتوقع وجود مخالفين فيها.

ولفتت إلى أن "ظاهرة عمالة الأطفال تعزى إلى عوامل اقتصادية واجتماعية، منها مساعدة الآباء على تلبية متطلبات الحياة، فضلا عن عامل الفشل المدرسي، والتفكك الأسري، ولها الكثير من الآثار السلبية التي تنعكس على المجتمع بشكل عام، وعلى الأطفال بشكل خاص، وأخذت هذه الظاهرة أشكالا عدة أهمها تسخيرهم في أعمال غير مؤهلين جسديا ونفسيا للقيام بها، وتمثل خطورة على حياتهم، وتحرمهم من حقوقهم الأساسية التعليمية والصحية والترفيهية، ناهيك عن تعريضهم للاستغلال في مكان العمل، وهذا يمثل انتهاكا لحق الطفولة في الحياة الآمنة، ومخالفة صريحة للأنظمة والاتفاقات، حيث إن عددا من الاتفاقات الدولية قد جرمت بدورها الاستغلال الاقتصادي للأطفال"، مشيرة إلى أن قانون الاتجار بالبشر يحارب هذه الظاهرة.

وأضافت أن "قانون مكافحة جرائم الاتجار بالأشخاص يكافح كل أشكال استغلال بالبشر بغض النظر عن الوسيلة المستخدمة، وهو لا يعتد برضا الضحية، فالمسؤولية الجنائية تقوم في حق الفاعل، وغالبا ما يكون في هذه الحالة أحد أفراد الأسرة، حتى ولو رضيت الضحية بما وقع عليها من استغلال".

وأكدت المشرفة العامة على مكتب الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بمنطقة المدينة المنورة أن "المادة الثانية من القانون نصت على حظر الاتجار بأي شخص بأي شكل من الأشكال، بما في ذلك إكراهه، أو تهديده، أو الاحتيال عليه، أو خداعه، أو خطفه، أو استغلال الوظيفة، أو النفوذ، أو إساءة استعمال سلطة ما عليه، أو استغلال ضعفه، أو إعطاء مبالغ مالية، أو مزايا، أو تلقيها لنيل موافقة شخص له سيطرة على آخر من أجل الاعتداء الجنسي، أو العمل، أو الخدمة قسرا، أو التسول، أو الاسترقاق، أو الممارسات الشبيهة بالرق، أو الاستعباد، أو نزع الأعضاء، أو إجراء تجارب طبية عليه".

وطالبت جميع الجهات باستشعار المسؤولية الاجتماعية تجاه الأطفال، وتوفير الحماية لهم من الاستغلال بكل أشكاله، والتعاون في اتخاذ التدابير التشريعية والإدارية والاجتماعية والتربوية التي تكفل هذه الحماية.

ولفتت القرافي إلى أن "الجمعية تبذل جهودا في نشر ثقافة حقوق الطفل المكفولة لهم بموجب الشريعة الإسلامية السمحة، والاتفاقات، والمعاهدات، والأنظمة. كما ترصد وتوثق الانتهاكات التي يتعرض لها الأطفال، وترفع بذلك إلى الجهات ذات الاختصاص، وتعمل على معالجة الحالات وتوفير المساندة القانونية".

يذكر أن مجموعة "شباب الأمان" في برنامج الأمان الأسري أطلقت حملة وطنية ضد تشغيل الأطفال مطلع شهر نوفمبر الماضي، بمسمى "كرت أحمر"، تهدف إلى تسليط الضوء على قضية "عمالة الأطفال" وتوعية المجتمع بالآثار السلبية لتفاقم مثل تلك الظاهرة، ليس على الأطفال وحسب، وإنما على المجتمع بكامله.