في خبر نقلته وكالة رويتر للأخبار عن إدارة المساحة الجيولوجية الأمريكية United state Geological survey منذ أيام، مفاده أن حرة الشاقة Lunayyir التي تبعد حوالي 250 كيلومترا إلى الشمال من المدينة المنورة، من المحتمل أن تتعرض في المستقبل القريب إلى أنشطة بركانية، وقد بنى هؤلاء الخبراء نظريتهم كما ورد في تقرير وكالة رويتر على ظاهرتين جيولوجيتين غالبا ما تصاحب انفجار البراكين، الظاهرة الأولى: هي الموجات الزلزالية التي تعرضت لها حرة الشاقة بين شهري مايو ويونيه من العام الماضي والتي بلغ عددها حوالي ثلاثين ألف هزة، تراوحت قوتها ما بين 2 إلى 5 درجات على مقياس رختر، أما الظاهرة الثانية الأخدود Rift الكبير الذي أنشق في منطقة العيص والذي بلغ طوله حوالي 8 كيلو مترات. ومن عجائب الأمور أن هذا الخبر تناولته معظم المحطات الفضائية وأخذ زخما إعلاميا منقطع النظير، علما بأن هذا الخبر لم يأت بجديد، فأنا الفقير إلى الله قد تحدثت العام الماضي في العديد من المقالات الصحفية التي نشرت على صفحات هذه الجريدة تحت عناوين مختلفة منها: "براكين الحجاز، البقع الساخنة، بركان حرة الشاقة..." وأشرت وأكدت في جميع تلك المقالات أن بركان حرة الشاقة لا محالة سينفجر عاجلا أم آجلا، وقد بنيت هذا الرأي على شواهد علمية جيولوجية لا يستطيع أي عاقل أن ينكرها!! منها على سبيل المثال لا الحصر:

الموجات الزلزالية المتتالية التي عصفت بمنطقة العيص والمناطق المجاورة لها في تلك الفترة مما دعا الحكومة في ذلك الوقت إلى إجلاء سكان مناطق العيص إلى مناطق أكثر استقرارا، وأوضحت في ذلك الوقت أن هذه الموجات الزلزالية ناجمة عن الضغوط الشديدة للمجما (الصهير) الصاعدة من جوف الأرض، عند اختراقها طبقات الصخور النارية في طريقها إلى سطح الأرض.

ومن تلك الشواهد أيضا، نشوء الخنادق أو الأخاديد (Rift) التي انشقت في حارة الشاقة والتي بلغ طول أحدها حوالي 7 كيلومترات. أيضا ارتفاع درجة حرارة الأرض السطحية في حرة الشاقة من الشواهد التي دللت وتدلل عن قرب انفجار بركان حرة الشاقة، ارتفاع مستوى سطح الأرض وتكون القباب أيضا من الشواهد الجيولوجية التي تؤكد وتدلل على قرب انفجار بركان حرة الشاقة، وهذا ما أكدت عليه في ذلك الوقت. فالصهير (المجما) مازال معلقا بين جوف الأرض وسطحها تدفعه من أسفل إلى أعلى قوة هائلة من الضغوط ناجمة عن تفاعلات نووية كبيرة تدور رحاها في الصهير الموجود في باطن الأرض، ويعوق صعودها إلى سطح الأرض مقاومة الطبقات الصخرية التي تعترض طريقها، ولكن صدقوني أن الغلبة في النهاية ستكون للقوة الدافعة من باطن الأرض!!، ويشير الخبراء في علم الجيولوجيا إلى أن هناك تناسبا طرديا بين قوة مقاومة الطبقات الصخرية لصعود المجما وقوة شدة انفجار البركان، بمعنى أنه كلما تأخرالبركان في الانفجار نتيجة لمقاومة الطبقات الصخرية كلما كان انفجاره شديدا ومدويا.

ومن العجيب والغريب أن يطل علينا بعض الجيولوجيين بمقولة غريبة، وهي أن الأنشطة البركانية في غرب جزيرة العرب والتي تمتد من اليمن جنوبا وحتى سوريا شمالا مرورا بمنطقة الحجاز بما في ذلك حرة الشاقة التي نحن بصددها اليوم، مرتبطة بالأنشطة البركانية، التي تحدث في وسط البحر الأحمر والناجمة عن تباعد الصفيحة الأفريقية عن الصفيحة العربية، وهذا كلام مردود على أهله وقد أوضحته في العديد من وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة خاصة ما أوضحته على صفحات هذه الجريدة الغراء منذ عام تقريبا، وأعيد وأكرر أن الأنشطة البركانية التي صاحبت تكون البحرالأحمر منذ حوالي 40 مليون عام، ليس لها أي علاقة بالأنشطة البركانية والزلزالية التي تحدث في حرة الشاقة، فما يحدث في حرة الشاقة وجميع الأنشطة البركانية التي حدثت في العشرة ملايين عام الماضية وحتى هذا اليوم في غرب جزيرة العرب، نشأت عن صدع يمتد من اليمن جنوبا مرورا بمنطقة الحجاز وحتى سوريا شمالا أطلقت عليه اسم الصدع الحجازي Al- Hijaz Rift، وهذا الصدع أكاد أجزم وإن اختلف معي البعض في ذلك ما هو إلا امتداد للصدع الأفريقي الشرقي العظيم East African Rift وكما أرى ويرى الكثير من خبراء علم البراكين والزلازل أن الصدع الحجازي قد ينجم عنه تكوين بحر أحمر ثان موازيا للبحر الأحمر الحالي، أو أن الصدع الحجازي قد يفصل الحجاز تماما ليكون الحجاز جزيرة في البحر الأحمر، وهذا يتماثل تماما مع سلوك الصدع الأفريقي الشرقي الذي أدي إلى فصل جزيرة مدغشقر عن القارة الأم، ويعتقد الكثير من علماء الجيولوجيا أن الصدع الأفريقي الشرقي سيتسبب في المستقبل بفصل شرق قارة أفريقيا عن القارة الأم، ليكون جزيرة في المحيط الهندي، تماما مثلما سيحدث لمنطقة الحجاز التي ستكون يوما ما جزيرة في البحر الأحمر!! وكل هذه الأحداث الجيولوجية ستحدث بالتاريخ الجيولوجي بمعنى أن حدوثها لن يتم بين ليلة وضحاها، ولكن قد تحث في مئة عام أو ألف عام أو قد تحدث غدا!! ولكن ما أود تأكيده أن انفجار بركان حرة الشاقة سيحدث خلال السنوات الخمس القادمة، ويا خفي الألطاف نجنا مما نخاف، ولله الأمر من قبل ومن بعد.