أضفت كلمة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- الشاملة -قبل يومين- شعورا وطنيا رائعا على مختلف فئات وشرائح وتكوينات المجتمع السعودي، حيث وجد كل مواطن سعودي نفسه ضمنا في هذه الكلمة التي أوضحت سياسات المملكة العربية السعودية وقيادتها في العهد الجديد الذي هو استمرار للنهج السعودي في العهود السابقة.

لقد وصف خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز كلمته الضافية بأنها حديث من قلب يحمل لأبناء وطنه كافة المحبة والإخلاص، وكان لا بد لرجل التاريخ السعودي الأول سلمان بن عبدالعزيز أن يستهل كلمته باستحضار ملحمة مشروعنا الوطني العظيم الذي أسسه "الملك عبدالعزيز -رحمه الله- وأبناء هذه البلاد"، حيث ورد ذكرُ (الملك المؤسس) إلى جنب (أبناء هذه البلاد) يجمعهما حرف العطف، في إشارة إلى هذه الدولة التي كانت شتاتا فمنّ الله على سكانها بالوحدة الوطنية.

كما استحضر الملك سلمان في كلمته تلك العقود "التي تلت مرحلة التأسيس إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز، رحمه الله"، وقال: سارت فيها "دولتكم" على خطى النمو والتطور بكل ثبات، في إشارة إلى مدى عمق هذه اللحمة الوطنية بين المواطن وقيادته.

وبوضوح، قال الملك سلمان بن عبدالعزيز في كلمته إنه قد وضع نصب عينيه مواصلة العمل على الأسس الثابتة التي قامت عليها هذه البلاد، مع مواصلة البناء لاستكمال ما أسسه الملوك السابقون -رحمهم الله- بالسعي المتواصل نحو التنمية الشاملة المتكاملة والمتوازنة في مناطق المملكة كافة، والعدالة لجميع المواطنين، وإتاحة المجال لهم لتحقيق تطلعاتهم وأمانيهم المشروعة في إطار نظم الدولة وإجراءاتها.

كما أكد خادم الحرمين الشريفين في كلمته أن "كل مواطن" في بلادنا و"كل جزء" من أجزاء وطننا الغالي، هو محل اهتمامه ورعايته، "لا فرق" بين مواطن وآخر أو منطقة وأخرى، وفي دعوة للمواطن إلى الفاعلية بالإسهام قال الملك في كلمته: "أتطلع إلى إسهام الجميع في خدمة الوطن، ولقد وجهت سمو وزير الداخلية بالتأكيد على أمراء المناطق باستقبال المواطنين والاستماع لهم ورفع ما قد يبدونه من أفكار ومقترحات تخدم الوطن والمواطن وتوفر أسباب الراحة لهم"، وعلى ضوء أهمية دور المواطن بالنسبة للوطن، أكد خادم الحرمين الشريفين حرصه "على التصدي لأسباب الاختلاف ودواعي الفرقة، والقضاء على كل ما من شأنه تصنيف المجتمع بما يضر بالوحدة الوطنية، فأبناء الوطن متساوون في الحقوق والواجبات"، مؤكدا على دور الإعلام الكبير "في دعم هذه الجهود وإتاحة فرصة التعبير عن الرأي، وإيصال الحقائق وعدم إثارة ما يدعو إلى الفرقة أو التنافر بين مكونات المجتمع، فالواجب على الإعلام أن يكون وسيلة للتآلف والبناء وسببا في تقوية أواصر الوحدة واللحمة الوطنية".

وفي هذا الحديث الملكي المنبثق من القلب إلى القلب، نلحظ الصيغ الإنسانية المفعمة بالمحبة الوطنية للكلمات التي خرجت بها العبارات السابقة: "أيها المواطنون والمواطنات"، "إخواني وأخواتي"، "أبنائي وبناتي"، "أيها الإخوة والأخوات"، "أيها المواطنون الكرام"، إذ أكد الملك سلمان بن عبدالعزيز على أن التطوير "سمة لازمة" للدولة منذ أيام المؤسس، رحمه الله، وسوف يستمر هذا "التحديث".

ولأجل ذلك شدد في كلمته على وزراء الدولة ومسؤوليها بأن خدمة المواطن هي محور الاهتمام في ظل صدور توجيهه -حفظه الله- "بمراجعة أنظمة الأجهزة الرقابية بما يكفل تعزيز اختصاصاتها والارتقاء بأدائها لمهامها ومسؤولياتها، ويسهم في القضاء على الفساد ويحفظ المال العام ويضمن محاسبة المقصرين"، وعن الأمن الوطني قال: ونقول لأبنائنا وبناتنا ولكل من يقيم على أرضنا، إن الأمن مسؤولية الجميع، ولن نسمح لأحد أن يعبث بأمننا واستقرارنا.

وكانت شفافية الملك سلمان بن عبدالعزيز مع المواطنين واضحة في حديثه عن واقع أسعار البترول التي كانت لارتفاعها آثار إيجابية على اقتصاد بلادنا سابقا، مؤكدا أن "السنوات المقبلة بإذن الله زاخرة بإنجازات مهمة، بهدف تعزيز دور القطاع الصناعي والقطاعات الخدمية في الاقتصاد الوطني"، وأنه رغم تأثر دخل المملكة بانخفاض أسعار البترول "إلا أننا سنسعى إلى الحد من تأثير ذلك في مسيرة التنمية، وستستمر -إن شاء الله- عمليات استكشاف البترول والغاز والثروات الطبيعية الأخرى في المملكة".

في كلمة خادم الحرمين حضرت كل التفاصيل التي يمكن أن تخطر على بالنا كمواطنين، بل وجدنا أنفسنا ممثلين في هذه الكلمة التي هي بمثابة إعلان عن السياسات الداخلية والخارجية للمرحلة، إذ حضرت قطاعات الخدمات الحيوية والأعمال في الكلمة الملكية كافة، منها الصحة والتعليم والإسكان، كما حضر كل أبناء الوطن وبناته الذين هم سواعد البناء فيه، وحضر رجال المال والأعمال، وحضر منسوبو القوات العسكرية، وفي الكلمة الملكية حضر البعد الوطني والإقليمي والعالمي للسياسة الخارجية السعودية بأدق تفاصيلها، باعتبارها داعية محبة وسلام في العالم.