فعالياتنا الثقافية الناشطة على امتداد الوطن العربي مبهجة، وتضيف حراكا وتفاعلا في هذا الوسط الضخم.

ومن أبرزها معرض الكتاب الدولي الذي يتنقل من دولة إلى أخرى.

كانت محطته الأخيرة عاصمتنا العريقة الرياض. ونسعد ونفخر به وبإقامته كل عام على رمال نجد، وبين خزامها ونفلها.

ونكون أكثر سعادة وبهجة لو تنقل بين مناطق الوطن المترامية الأطراف، كي يكون أكثر فائدة، وأعم نفعا من اقتصاره على إحدى مناطق الوطن، ويكون الحراك فقط لهذا الجزء وتغيب بقية الجهات.

ثم لماذا تكون الفائدة حصرا على أسماء وفئة المثقفين، وتقريبا كل الأسماء والوجوه تتكرر كل موسم؟!

لم لا يكون له دورة مثلا مدتها أربع سنوات؟ تبدأ السنة الأولى بالرياض، والثانية بالشرقية، ثم الغربية فالجنوبية. وهكذا تعاد الكرة في كل جهة من جامعات عدة فيها آلاف الطلاب يحتاجون هذا الوعي والتثقيف. يحتاجون إلى الهرب من روتين الدراسة إلى مكان وفعل آمن لفكرهم وسلوكهم.

هناك فئات شتى تحتاج اللوذ والهرب إلى مثل هذا العرس الثقافي، كذوي الاحتياجات الخاصة -ربات البيوت- المتقاعدين.. إلخ.

كل هؤلاء مغيبون عن معرض الكتاب. ومع أنني لم أذهب إلى أحدها خارج بلدي، إلا أني أكاد أجزم أن المشكلة ذاتها موجودة في كل الوطن العربي، وهي حصر الفعاليات في العواصم. 

بالنسبة لبلدنا الحبيب، فلا أظنه يعجز عن إقامة المعرض بدءا من العام القادم في منطقة أخرى، فليس الأمر مكلفا، هي الميزانية ذاتها، إضافة إلى مساحة من ا?رض يقام عليها المعرض.

أعلم أن المثقفين ضيوف معرض الكتاب كل عام يكونون أول من يرى هذا الاقتراح مستحيلا، بل وسيعارضونه، لكن ماذا لو وضعت لهم مثالا بسيطا:

شباب جامعة جازان. هؤلاء المتفوقون الطموحون، لو أقيم معرض الكتاب للجهة الجنوبية واختيرت مدينة جازان، ألا يخدم أولئك المبدعين؟ ويزيد الحراك العلمي والثقافي فيهم؟ ألا يكون المكان مناسبا ليتجه سكان أبها ونجران والباحة إليه؟

وماذا لو أقيم في جدة، ألن يستفيد طلاب الجامعات القريبة والمدن التابعة؟

نحن للأسف نفتقر إلى التخطيط الموضوعي، ونعمل من أجل عدد محدود من الزوار حفظوا الطريق المؤدي إلى معرض الكتاب، وهم أنفسهم يتهكمون ويسخرون بعد الانتهاء منه.

ليس لشيء، ولا لتقصير من المنظمين، بل لمللهم من البرنامج السنوي ذاته، والمكان ذاته.

ليت معالي الوزير الشاب يختار أماكن فتية، ويعمل من أجل توسيع دائرة المعرض ليعم كل المناطق.