نتذكر ذلك المذيع في إحدى فضائيات الإقصاء والتعصب، عندما صرح بأنه "لو قابل أفرادا من داعش لقبل رؤوسهم"! هذا المشهد يتكرر حتى الآن، ولكن بطرق مختلفة.

لقد تم استغلال الأزمات السياسية بين إيران ودول المنطقة بهدف ترويج الطائفية وحقن الدهماء والمغفلين بمزيد من الكراهية والتحريض على العنف ضد كل مخالف لأجندة الصوت الواحد الذي تمثله هذه الفضائيات.

هناك ميليشيات شيعية مجرمة عاثت فسادا في العراق وسورية، لكن هذا لا يعني أن تميل قلوبنا وعقولنا مع أباطرة الإجرام من "داعش" أو "النصرة" و"القاعدة" بحجة نصرة المذهب السني في مواجهة المد الصفوي! هذه تبريرات مذهبية سخيفة تزيد الاحتقان الشعبي الطائفي المتأصل أساسا في نفوس أبنائنا، وتحول الصراعات السياسية إلى مذهبية، وتؤيد -ولو من باب الضرورة كما يحتج بعض المتعاطفين مع الإرهاب- أعمال العنف بين الطوائف المسلمة.

هؤلاء ينظرون بعين واحدة لما يجري في مستنقع الدم العربي. تراهم في بعض الفضائيات يتناولون الإرهاب الشيعي -وهو واقع تدعمه إيران- ولكنهم عند الحديث عن "داعش" وأفكاره وفتاواه وجرائمه، تهدأ أصواتهم، ويبدأ اللف والدوران، وسيل التبريرات، من أن الغرب هو من أوجده، وأن الإعلام العربي ينتقد "داعش" ويترك الميليشيات الصفوية في المقابل!

وجد المتطرفون في الخصومة السياسية مع إيران فرصة ثمينة لتمرير وتسييس ثقافة العنف والطائفية. هم يريدون القول: إن أزمات المنطقة لن تنتهي إلا بحمل السلاح، وعلى طريقة داعش! ثم نتساءل بدهشة العباقرة: لماذا ومن أين خرج هؤلاء الدواعش؟!

ولا يهمكم.. خرجوا من أحضان بان كي مون!، "ما عليه... خلوها في راس الضعيف"، "معليش يا بان.. إحنا بنتبهدل".