الشكلُ والمظهر العام، أولا، وقبل كل شيء، لأن التلفزيون يرتكز على "الصورة"، التي هي ركنه الأساس، وهو على عكس "الإذاعة"، أو الصحافة المكتوبة، حيث من يمارسون المهنة مختبئون خلف المايكرفون، أو صفحات الورق، الأمر الذي يجعل من الشكل أمرا ثانويا، يتقدم عليه ما عداه من مهارات واشتراطات مهنية أخرى.

تلك هي الحجة التي يسوقها بعض أرباب الإعلام الفضائي، عندما تسألهم عن سبب كثرة "الحسناوات" على الشاشات العربية. فتيات يفتقد كثير منهن لأبجديات العمل الصحفي، وكل ما يملكنه من مؤهلات، وسامة الشكل، أو "غنج" الصوت، الذي يصيرهن صاحبات "طلات بهية"، تفضلهن على سواهن من الزميلات، ممن يمتلكن خبرة وعلمية، الأمر الذي يؤدي لأن تكون المذيعة الخطأ، في المكان الخطأ. واللوم هنا لا يقع على هؤلاء الزميلات، وإنما على من "سطح" العمل الفضائي، وأفرغه من مضمونه، وجعل نموذج الـ"باربي" هو الأساس، دون الالتفات لأخطار ذلك على مستوى المادة المقدمة للمشاهدين.

الإشكالية تكمن، عندما يكون الأساس في التوظيف هو العلاقات الشخصية، أو الواسطات، والاعتماد على الذوقيات، بعيدا عن المعيارية القيمية، التي تخضع الجميع لمسطرتها، حيث يدخل كل متقدم إلى الوظيفة لاكتشاف خبراته، يلي ذلك مقابلة شخصية، وبالنسبة للمذيعين والمذيعات، عمل ما يعرف بـ"البايلت"، أو التصوير التجريبي في الأستديو، حيث لا يكتفى بمقدرة "المقدمة" على الحضور الشكلي الحسن، أو القراءة الجيدة، بل تختبر في الحوار، وإدارته، والتعامل مع أي طارئ قد يستجد أثناء النشرة، بشكل قد لا يكون في الحسبان.

من الظلم أيضا القول إن جميع المذيعات على الفضائيات العربية، هن من "الحسناوات" اللواتي لا يعلمن شيئا! فهنالك أسماء لها حضورها المهني، ويتفوقن على كثير من زملائهن من الرجال، أمثال الزميلات: نجوى قاسم، ومنتهى الرمحي، وخديجة بن قنة، وجمانة نمور، وشدا عمر، وبثينة النصر، وسواهن من اللواتي عملن على تشكيل المحتوى المعرفي لذواتهن، قبل الاهتمام بترتيب المظهر، الذي يُجدنه أيضا، وهن بذلك جمعن بين الحسنيين: العقل، والشكل، وهو التكامل الذي يجب أن يُسعى له، بعيدا من تغليب جانب على آخر