-  جاء رجل إلَى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي الأعمال أحب إلَى الله؟ قال: "سرور تدخله على مسلم، أو تكشف عنه كربة، أو تقضي عنه دينا، أو تطرد عنه جوعا، ولأن أمشي لأخ لي مسلم في حاجة أحب إلي من أن أعتكف في هذا المسجد ـ يعني مسجد المدينة ـ ...  "إلى آخر الحديث وله شواهد كثيرة في فضل إدخال السرور على قلب المسلم.

- في وسطنا الرياضي الذي يعج ويموج بكثير من المواقف السلبية التي تكدر الخاطر وتوغر الصدور وتجعل الحليم حيران، ما أحوجنا إلى نقاط إيجابية تكون لنا كالضوء في آخر النفق، تشعرنا بالأمل وتمنحنا التفاؤل بأن الإيجابية في وسطنا ما زالت موجودة وبأن التكاتف هو سيد الموقف حتى وإن ظهر غيره في بعض لحظات التعصب.

- من هذه المواقف الإيجابية المبهجة ما قامت به إدارة نادي الاتحاد من إدخال السرور على قلب الطفل (حفيص المعيدي) أحد مشجعي العميد في القنفذة، الذي يعاني فشلا كلويا منذ أربع سنوات ألزمه الفراش ومنعه من إكمال دراسته بعد أن أصيب بتقوس في عظام جسمه بسبب قلة الكالسيوم الناتج عن الغسيل البروتيني اليومي.

-ومن على فراش المرض أعلن (حفيص) عن أمنيته بأن يزور نادي الاتحاد ويتصور مع لاعبيه الذين يحبهم، وما إن وصل الخبر إلى رئيس نادي الاتحاد (إبراهيم البلوي) حتى تكفل بهذا الأمر وأعلن بأن (أمنيات جمهور الاتحاد أوامر)، وقرر استضافته في مباراة نجران الأخيرة مع ولي أمره وتكريمه مع اللاعبين القدامى بين شوطي المباراة.. أما بعد نهاية المباراة فقد اصطحبه رئيس النادي إلى غرفة اللاعبين ليحتفل معهم ويلتقط الصور التذكارية بجوارهم. ثم قام الرئيس الاتحادي بعد ذلك بضم اسم (حفيص) إلى قائمة المشمولين بمكافأة الفوز في مباراة نجران.

- كم هو تصرف بسيط لا يكلف النادي شيئاً إن قسناه بالناحية المادية لكنه بالتأكيد أمر كبير وكبير جدا إن تعاملنا معه بالمقياس المعنوي الذي يعني لهذا المشجع ولأسرته الكثير.

- كثير من الأحلام تكون بسيطة وسهلة التحقيق ولا تحتاج من المجتمع سوى القليل من الاهتمام لتحقيقها ولكنها بالتأكيد أحلام عظيمة وتعني الكثير لأصحابها وتؤثر فيهم بشكل لا يتوقعه أحد ربما مدى الحياة.. ومنها حلم (حفيص) الذي تحول إلى واقع قد لا يعني للكثيرين شيئاً لكنه يعني لصاحبه كل شيء.

- بعد المباراة قرأت الكثير من الحالات المشابهة لحالة المشجع الاتحادي، التي ربما تكون أسوأ منها ومن جماهير أندية عدة يتمنى أصحابها أمنيات بسيطة جدا تتمثل في مرافقة الفريق الذي يشجعونه داخل أرض الملعب ودخول غرفة ملابس الفريق بعد المباراة للتصوير مع نجومهم المفضلين.

-أتمنى أن تعمل أنديتنا على تفعيل دور المسؤولية الاجتماعية فيها وأن تقوم إدارة كل نادي بتكريم أحد مشجعيها من ذوي الاحتياجات والحالات الخاصة في كل مباراة يستضيفها الفريق على ملعبه، بل وأن يحصل هذا المشجع على مكافأة فوز بعد نهاية المباراة مثل أي عضو من أعضاء الفريق سواء فاز الفريق في تلك المباراة أو خسر.. وإن كان المشجع لا يستطيع الحضور إلى الملعب يتم الذهاب إليه في بيته أو في المستشفى للوقوف بجانبه ودعمه.

- ختاما: تحققت أمنية (حفيص) المهمة.. وأدعو الله أن تتحقق أمنيته الأهم بالشفاء العاجل، وأن يجد من يتكفل بعلاجه وإدخال السرور على قلبه بعد معاناته مع غسيل الكلى كل هذه السنين.