أكد أكاديمي متخصص في الدراسات الإسلامية أن سلطة المجتمع مؤثرة جدا في صناعة التاريخ وتوجيه تفسيره، ذاهبا إلى أنه ينبغي ألا نغالي في تأثرها كما فعل أصحاب المنهج الاجتماعي الحديث الذين يرجعون كل صغير وكبير في الفعل التاريخي وفي تأويل هذا الفعل كذلك لسلطة المجتمع، متغافلين عن مؤثرات أخرى كالنفس والثقافة والشرع.
وأشار عضو هيئة التدريس بقسم الدراسات الإسلامية في جامعة الملك فيصل بالأحساء الدكتور مختار محمود عطا الله في محاضرته "التعليل بين التاريخ وفلسفة التاريخ" أمس إلى أن فلسفة التاريخ علم إسلامي النشأة، على الرغم من ظهور التفكير الفلسفي في التاريخ قبل الحضارة الإسلامية مثل أوجسطين وغيره، لافتا إلى أن التفكير الفلسفي في التاريخ فعلا سابق على الإسلام، ولكن إكساب هذا النوع من التفكير في التاريخ صفة العلومية كان على يد ابن خلدون المتوفى 808 هـ، وهو في هذا شأنه شأن سائر العلوم المنسوبة لشخص وضعها سبقت كلها بإبداعات في مجالها، ثم يأتي من يجعلها علما بتحديد مواضيعه ومنهج البحث فيه.
وقال عطا الله في المحاضرة التي أدارها الدكتور محمد العمير: إن فلسفة التاريخ هي التعليل، والتعليل في فلسفة التاريخ نوعان: تعليل تفسيري يراد به فهم التاريخ وتحليله، وتعليل تقويمي يراد به نقد التاريخ، والتعليل التفسيري يفيد في الاعتبار والتنبؤ من خلال الدراسات الاستشرافية، ويفيد التعليل التقويمي في تصحيح بعض الوقائع التاريخية، مستشهدا لبعض مستلزمات تعليل التاريخ، ويقصد بها القواعد التي ينبغي لمن يريد القيام بهذا العمل أن يسلم بها، ومنها: معقولية الأحداث التاريخية وقدرة العقل على الكشف عنها، ومراتب العقل وأنواع العلل، وقانونية الموجِّهات التاريخية، فضلا عن دور التعليل في القياس التاريخي.
وأبان عطا الله أن سنن الله الكونية والدينية تتحكم في مسار التاريخ، وأن القرآن الكريم ذكر ذلك كثيرا، وأن ميكافيللي ذكر للتمثيل به على مدى تأثير النظريات السياسية والفلسفية على صناع القرارات السياسية في العالم.