لم أعد أسمع أحدا يشتكي من وقت الفراغ كما كان الحال في السابق. فجأة أصبح الكل مشغولا. بل على النقيض من ذلك تماما، أصبح الكل يشتكي من ضيق الوقت، على الرغم من أن الإنجازات لم تتغير في زمن ضيق الوقت عنها في زمن أوقات الفراغ، إن لم تكن قد تقلصت بالفعل.
لقد اختفى وقت الفراغ حتى من الخطابات الدعوية الوعظية، واختفى من المحاضرات والخطب التي تلقى في المساجد والمناشط الدعوية التي جعلت من وقت الفراغ في فترة من الفترات، غولا يدفع بضحاياه إلى أحضان الرذيلة، بمساعدة الجوال في يد الفتاة حينا، أو بمعونة الإنترنت أو رفقاء السوء أحايين أخرى، وشهدنا أول فئة من الناس اكتشفت أن وقت الفراغ عامل يؤدي إلى الانحراف بشكل حتمي وبالمطلق، لذلك يجب القضاء عليه.
مع أن الشاعر القديم الحكيم عندما عدد أسباب الانحراف لم يذكر أوقات الفراغ من بينها، وحصرها في أربعة عوامل فقط، فقال:
إبليس والدنيا ونفسي والهوى، كيف الخلاص وكلهم أعدائي.
تُرى أين اختفى وقت الفراغ؟ ومن الذي يقف خلف حادثة الاختفاء؟ وهل سيعود يوما ما كما كان؟