أتفهم وجود أوهام لدى البعض لا أساس علمي لها. أو ليس لها أي دليل مادي ملموس أو محسوس.. كمن يحدثك مثلا عن وجود "إبرة" باهظة الثمن أو علاجات خاصة يحصل عليها القادرون والأثرياء، فتعطيهم طاقة وحيوية شاب في العشرين أو الثلاثين.. فيضيع عمره باحثا وحالما بكذبة تطيل عمره، تنتجها له معامل الدواء في العالم! هذه الأوهام والأكاذيب لا تضر سوى صاحبها، لكن هناك كذبة ضارة وضررها متعد نحو الآخرين..
أشهر كذبة -مرت علي- وتتردد في الأوساط الاقتصادية، وما يزال "يرددها" ويروج لها بعض رجال الأعمال، أن الشاب السعودي لا يريد وظيفة القطاع الخاص، بل يريد الوظيفة الحكومية! وأن الشاب السعودي غير جاد وغير منضبط، ولا يستمر في الوظيفة أكثر من ثلاثة أشهر! وهلم "كذباً".. كذبة تلد أخرى.. حتى اكتشفنا أن هذه الكذبة بلغت الآفاق ووجدت من يروج لها ويتخذها وسيلة لإغراق البلد بطوفان العمالة الرخيصة غير المدربة! وهذا غير صحيح، الواقع يثبت العكس تماما.. اذهب واسأل الشباب الذين يعملون في القطاع الخاص مثل: البنوك، شركات الاتصالات، التنقيب والمعادن، المستشفيات الخاصة الكبرى، المؤسسات الصحفية، الشركات الوطنية الكبرى كالزامل والمراعي وعبد اللطيف جميل.. هل سيتركون أعمالهم لو توفرت لهم وظائف حكومية؟! هذا أمر يدخل خانة "غير الممكن" بالنسبة لهم.. كل هؤلاء يرفضون ترك أعمالهم.. بل إنهم متمسكون بها.. هل تعرفون السبب؟ لأن هذه الشركات والمؤسسات تدفع رواتب مجزية، وتؤمن لهم العلاج المجاني، وأحيانا السكن، وتقدم لهم الحوافز والعلاوات السنوية.. هذا ليس من عندي بالمناسبة، ولست أنا من اكتشفه، وهو على أي حال ليس بسر، غير أن أول من أثار القضية الوزير الراحل غازي القصيبي رحمه الله.. وكان حينها يتحدث معاتبا جمعا من رجال الأعمال. والخلاصة: اسمعوا مني، الشاب السعودي لا يهمه هل الوظيفة في القطاع الخاص أم الحكومي أم الخيري.. الشاب يريد وظيفة تؤمن له وسائل العيش الكريم.. لذلك إن سمعتم أحداً من رجال الأعمال يردد هذه الكذبة قولوا له: لماذا الشاب يتركك أنت وحدك، ويذهب إلى البنوك والشركات الوطنية الكبرى؟ لذلك لا تصدقوهم، إنهم يكذبون، ومن لم يقتنع بأنهم مخاتلون فـ"مخه...." كما يقول إخواننا المصريون!