عُرف سوق عكاظ ـ بين الناس ـ بأنه منتدى للشعر والخطابة؛ مع أنه كان إلى جانب ذلك مقرا سياسيا واجتماعيا وإعلاميا؛ فضلا عن أنه سوق تجاري لبيع أجود أنواع السلع والبضائع والصناعات القديمة.. لكنني أظن أنه لو لم تسكنه حمى الشعر العربي لما سمع عنه أحد في عصرنا الحاضر؛ ما يدل على أن للشعر عند العرب أهمية قد تفوق أهمية السياسة والصناعة؛ ولهذا اندثر السوق ودُفن تحت التراب بصكوكه السياسية ومشغولاته الصناعية؛ ولم يتبق منه شيء فوق التراب سوى الأدب؛ فالأدب لا يموت ولا يدفن؛ بينما العقود والاتفاقيات والأدوات تموت وتدفن.
وعلى الرغم من أن سوق عكاظ اندثر أكثر من مرة، حيث يرجع تاريخه إلى نحو 400 عام قبل الميلاد؛ إلا أن الأدب العربي صنع للسوق تاريخا لم يصنعه له أحد من قبل؛ ومع هذا نجد أن العربَ أنفسهم هم الذين أهملوه حتى فقدَ معالمه؛ إلا أن الأمير الشاعر العربي خالد الفيصل ـ وبدعم من قادة البلاد يحفظهم الله ـ عاد ليخرج سوق عكاظ من تحت التراب بكامل لباسه وحُليه وحُلله، ليبث فيه من جديد تقاليد الأخلاق العربية بأصالتها ومعاصرتها، ويعيد إليه أضواء التاريخ في نفس المكان والزمان بعد 1300 سنة من التوقف كان الأدباء خلالها يقتاتون أديم السوق على أدمع التاريخ.
اليوم أكاد أرى الغد وهو يردف اسم الفيصل بسوق عكاظ ليقال: (عكاظ الفيصل).. كما أكاد أرى المستقبل وهو يقرأ على أجياله روائع خالد، وشيئا من آداب وأخلاق تلك اللقاءات الحميمة التي جمعت بين الشعراء والخطباء والمفكرين والكتاب والحكماء العرب الذين أحيوا السوق في ثوبه الرابع ملتفين حول بعضهم البعض يتحدثون في شتى مشارب "عكاظ" يتوسطهم أمير عكاظ الحديث.. وهكذا أرى التاريخ يدوّن للفيصل تاريخ (1428هـ) في سجلات الخالدين.
شكرا لكم خالد الفيصل، ولمحافظ الطائف فهد بن معمر، ولأمين اللجنة العليا للسوق سعد مارق، ولكل المسؤولين والعاملين الذين حملوا همّ النجاح، ولكل المشاركين والضيوف، ولكل من طرح ملاحظة أو قدم اقتراحا ليزداد النجاح نجاحا.. فنحن ننتظر الأفضل في الأعوام القادمة، فالهدف واحد والهم واحد والعمل مشترك.
قلت: إنْ لم يدعم الفردُ الجماعة؛ والجماعة الفردَ، فلن ينال أحدٌ النجاح.