قال الشاعر والأديب السعودي محمد العلي إن الغرب تجاوز عصر ما سموه بـ"الأصنام الذهنية"، بتجاوز أفكار ماضيهم، موضحا أن المطلع على الثقافة العربية، يصل إلى القناعة الكاملة بأنها تعيش ماضيها لا حاضرها.

ومن ناحية أخرى، ترى في الثقافات الأخرى قيما كثيرة تسير المجتمعات تحتها بنسب متفاوتة كالحرية والعدالة والمساواة وحقوق الإنسان وسيادة القانون وغيرها، ولا يجد لها صدى في حياتنا الفكرية والعملية، ولا نعرفها إلا سماعا مما يبرهن عن عقم ولادة ثقافتنا القيم الحضارية التي تنعم بها المجتمعات الأخرى.

وأشار العلي، خلال محاضرته مساء أول من أمس، بعنوان "تاريخية الأفكار" في المنتدى الثقافي بمدينة العمران التابعة للأحساء، إلى أن المقصود بالتاريخ هنا ليس الحوادث ولا الوقائع، وإنما المقصود هو العلم بكيفيات الوقائع وليس الوقائع، وأن التعريف الحديث للتاريخ هو علم دراسة التحولات، وهو انتقال المجتمع من طور فكري إلى طور آخر، موضحا أن "تاريخية الأفكار" مفهوم يتعثر في فهمه كثير من الناس لتداخله تداخلا عضويا ووجوديا مع 3 مفاهيم أخرى بالغة التعقيد مع الطور الفكري البشري، وهي: "اللغة، والفكر، والنمو المضطرب للمعرفة"، ويعبر عن ذلك بمصطلح "تاريخانية".

وأضاف في المحاضرة التي أدارها الأديب محمد الشقاق، أن اللغة هي الوجود للأفكار، وهي أصوات يعبر بها كل قوم عن الآخرين، وأنها ظاهرة اجتماعية "لغة لكل مجتمع"، وأنها جسر للتواصل بين الأفراد لإنجاز غرض ما، لافتا إلى أن اللغة نشأت من العمل المشترك لا من الخيال ولا من أي شيء آخر، لأن العمل المشترك يقتضي ضرورة التفاهم بين الأفراد الذين يقومون به ويحتاجه المجتمع، مضيفا أن العلاقة بين اللغة والفكر، تتمثل من خلال التفكير واللسان، وذلك بالتفاعل بينهما، وتبادل للتأثر والتأثير، وهي أن اللغة عندما تنمو، الفكر ينمو، وعندما ينمو الفكر تنمو اللغة، علاوة على تبادل بينهما، مبينا أن نمو الثقافة القائمة على وحدة التفاعلية بين الفكر واللغة لم ترق هذه الثقافة في ضوء العمل المادي.

ولفت العلي إلى أن العرب عادوا إلى الشتات المادي والروحي، بسبب تشتت المجتمع نفسه في أماكن متباعدة في المراحل الأولى، والتشتت الثاني ناتج عن الفهم للنص المقدس، والفهم المتعدد له، فلكل فرقة تدعي أنه هي وحدها أنها فهمته، والسبب أنه متعدد الدلالة، لافتا إلى أن النص المقدس ثابت، وأنه صالح لكل زمان ومكان، وأن الوقع متغير.