مشروع الإسكان يأتي استمرارا لجهود الدولة في دعم منظومة الإسكان، وعلى أن هناك دائما حلولا للمشكلات السكانية، فإنه في المقابل هناك فئة خارج الاهتمام، خارج الرعاية، خارج القائمة في أية نظام يدعم الحياة الكريمة والأمان المعيشي، خاصة للنساء.
إن الأرض التي نعيش عليها واسعة والخير كثير، ولكن الأنظمة والبنود التي ترتدي شماغا وثوبا، ولا تقترب كثيرا من الواقع فتتجاهل بعض فئات المجتمع، وفئات هنا قد تكون إما غير البالغين، أو فاقدي الأهلية، ولكن أن تكون إحدى هذه الفئات هن النساء، فسيبدو الأمر مختلفا.
الشروط التي جعلت النساء يُستبعدن من الحصول على قروض عقارية لوجود ولي أمر، هي الشروط ذاتها التي أدرجت في بنود الإسكان. فهي إن كانت مرتبطة بزوج أو ابن مستحق فلا يحق لها الطلب، أو يشترط أن تكون قائمة على حضانة ابنها، بمعنى أن الذكورية اشتراط أساس لحصولها أو لعدم حصولها على فرصة سكن في كل الأحوال!.
تتباهي وزارة الإسكان بحصول أكثر من "45" ألفا من المتقدمين بالحصول على المنتجات السكنية، من أصحاب الرواتب العالية التي تتراوح رواتبهم من 20 ألفا إلى 30 ألف ريال، لكنها لم تشر بحال من الأحوال إلى السيدات اللاتي تتراوح مدخولاتهن بين "500" إلى "800" ريال من الضمان الاجتماعي، وبالكاد يمتلكن دخلا يغطي مستحقات الإيجار والسكن والمعيشة.
على الرغم من محاولاتهن الحصول على فرصة من الدعم السكني، وهو ما يتنافى مع تصريح وزير الإسكان الذي قال فيه: "إن الدعم السكني هو تحقيق لسياسة الدولة في وصول الدعم السكني إلى مستحقيه. وإن المعايير التي تحدد نقاط أولوية الأسرة في تنظيم الدعم السكني تشمل الحالة المالية للمتقدم".
ثم نجد بعد هذا تصريحات جريئة من الوزارة تتباهي بأنها منحت إسكانا لمن تتجاوز رواتبهم الـ"30" ألفا!
المعوقات والتعقيدات التي وضعت أمام المرأة المطلقة والأرملة وحتى العزباء التي لا عائل لها في سبيل حصولهن على سكن يحفظ لهن كرامتهن واستقلاليتهن، ما زالت خارج الاهتمام الجاد من وزارة الإسكان، بحيث لم توضع لهن بنود داعمة فيما يتعلق بأوضاعهن وفرص الحصول على إسكان أو قروض عقارية.
لماذا تحشر المرأة في زاوية ضيقة جدا، بحيث لا يتحقق لها الحصول على أية فرصة؟
السؤال: ما الذي تعنيه حياة كريمة؟ وما الذي تعنيه استحقاقات النساء لعيش هذه الحياة الكريمة؟ هذا السؤال ليس موجها إلى وزارة الإسكان فقط، بل إلى كل الجهات المسؤولة عن تغيير بنودها واشتراطاتها التي لم تنظر إلى المعنى الكبير والمصيري لحصول النساء على المسكن والأمان، أسوة بالرجل الذي لم توضع في طريقه أية اشتراطات، والدليل حصول ذوي الرواتب العالية على فرص إسكان مقابل آلاف النساء على القائمة المستبعدة.