يمر معرض الرياض الدولي للكتاب سنويا على أوساط المثقفين، ويعد سوقا رائجة لمعرفة الكتاب والاطلاع على أحدث الإصدارات التي تتواكب وإقامة هذا المعرض الشهير الذي فاقت سمعته كل التوقعات. فأصبحنا نستقبل دور النشر على مختلف تنوعها وإصداراتها، الحديث منها والقديم، وتتسابق كل دور العرض هذه لإبراز آخر منتجاتها ولا تكاد تجد مكانا (لدار أو مؤسسة أو شركة) بعد قيام كل جهة باختيار موقعها أمام الجوالة من المثقفين والعوائل وعشاق الحرف.

وعندما يأتي معرض الكتاب الدولي يكون فرصة للأسر والمثقفين ورجال الإعلام لاستغلال أيامه ولياليه كإحدى المحطات البارزة في حياة الإنسان السعودي، الذي بفضل إصراره وعشقه احتل معرضه الدولي سمعة عالمية ينتظرها (أصحاب الدور) للتنافس في مجال ترويج "الكتاب"، واليوم مع سهولة تناول المعلومات عبر الإنترنت أصبح من الممكن وصول إنتاج المشاركات في المعرض بسرعة سهلت أمام المنظمين في وزارة الثقافة والإعلام الترتيب والإعداد الجيد برعاية وزيرها الشاب د. عادل الطريفي، ونائبه د. عبدالله الجاسر، فقد أصبح هذا المعرض إحدى علامات التميز لهذه الوزارة في شقها الثقافي، وكذلك الزملاء كافة الذين يعملون على مدار عام كامل لإخراج المعرض كما هو حادث في جو الرياض هذه الأيام، والذي يبتهج في جو ربيعي يناسب التجوال بصحبة الكتاب وحضور ندواته في أوراقه المعرض وملتقى المثقفين في الفندق المعد للوفود.

هذا شق نعنى فيه نحن في بلد الثقافة والفكر، حيث اهتمام الأسرة السعودية بأبنائها وأخذهم إلى أجواء الكتاب.. ولكن الشق الآخر الذي يؤرقنا هو ما يتعلق بتلك الشائعات التي يتناقلها بعض مسوقي وسائل التواصل الاجتماعي عن حدوث موقف هنا أو هناك، بغية الإثارة الإعلامية لا غير، ولكن أفرحني أثناء زيارتي لهذا المعرض تلك النقلة الجميلة للإخوة أعضاء هيئة الأمر بالمعروف الذين أصبحوا يشاركون في المعرض بشكل مختلف عن السنوات الماضية، وهذا ما تباركه أيادي معالي رئيسها د. عبدالرحمن السند وزملائه في تغيير مسار الحسبة إلى الإيجابيات في المعرض، من منتجات الهيئة على شكل مطويات وتوعيات وحلويات متنوعة دون اللجوء إلى التجوال المكرر الذي يصور على أنه مراقبة مقصودة مع أن الغرض هو التعايش والتواصل بين مرتادي المعرض وإخوتنا رجال الحسبة -وفقهم الله- في جو من الطمأنينة والستر.

إن لدى رجال الهيئة الآن مشروعا مختلفا عن ذي قبل من الابتسامة للمتجولين داخل المعرض وليس التنفير، وهذا ما لمسناه في اليوم الأول للمعرض.. أسال الله أن يتواصل عطاؤهم كما خطط له.

وهناك شق ثالث في جنبات المعرض يتعلق بالتنظيم الذي خرج به المعرض هذا العام في مشاركة قطاعات الدولة والمؤسسات والحرص على الوجود مع نخب المجتمع في أسبوعين يضيئان الرياض ثقافة وفكرا ورواجا لتداول الكتاب، كما أن من ملامح إقامة معرض الكتاب هو ذلك الجوُّ الذي يحرص عليه كل مثقف منتج "ركن التوقيع"، والذي أصبح علامة تميز أيضا معرض الرياض الدولي للكتاب.

إذ لم يكن أحد يسمع به في المعارض الأخرى إلا قليلا، وهي انتقاءة جميلة يتحرك فيها المثقفون والمؤلفون مع تنوع عبارات الإهداء التي جعلت كل مثقف يحرص على هذا الركن بمنهجه وقلمه وإبداعاته التي يطل بها على قرائه كل عام.

هذه هي رحلة الكلمة في معرض الكتاب.. كانت خواطر لمست معها عدة وقفات أعجبتني عندما زرت المعرض خلال يومه الأول.. أملي أن يكمل المعرض أيامه بنجاح يتوقعه عشاق الكلمة ورواد الفكر في هذا التجمع النير بإذن الله، بعيدا عن التشنج والشائعات التي تأخذ بالمعرض بعدا لا يسيء إلا للوطن، ولا ينفعه، فنحن أمة التعايش والمحبة.