لم تكن الستارة التي أزيحت أمس معلنة انطلاقة معرض الرياض الدولي للكتاب الدولي، إيذانا فقط بالتقاء الأطراف الثلاثة المعنية والمستهدفة بالعملية الإبداعية "المؤلف والناشر والقارئ"، وإنما إيذانا كذلك بفتح الأبواب على مصارعها لأمنيات لا تسوّرها حدود، ولا تحبسها أبواب موصدة.

ونسجا على منوال العنوان الواسع للمعرض في نسخته الحالية "الكتاب.. تعايش"، أملت أن يكون لدينا عنوان موازِ يجعل من "الأمنيات.. واقع"، وذلك في البرنامج المصاحب للفعاليات والأنشطة التي تقام على الهامش.

تمنيت لو أتاح المعرض فرصة التحاور الرسمي، على أي مستوى، بين أطراف العملية الإبداعية، فيما يتعلق مثلا بالمعايير المتبعة لتحديد أسعار الكتب، خصوصا أن هذه الأطراف الثلاثة تتباين في مواقفها من هذا الأمر، ففي وقت يريد فيه القارئ الحصول على الكتاب بأقل سعر ممكن، آملا في اقتناء مجموعة متنوعة تلبي رغباته، وتشبع نهمه، يقف الناشر على طرف نقيض، متطلعا إلى الحصول على السعر الأعلى المتاح ليس لتغطية نفقات الطباعة، وكلفة العرض، وتغطية رسم المساحة المتاحة له في أجنحة المعرض وحسب، بل وكذلك لتحقيق هامش مُرضٍ من الربح المادي.

وبين هذا وذاك، يقف المؤلف على مسافة وسط، فهو يريد الانتشار من جهة، وهذا يحققه له سعر في متناول الجميع لمؤلفه، كما يريد سعرا لمؤَلفه يكمل القيمة الفكرية التي يقدمها، أو على الأقل يتناسب معها.

ربما يرى البعض أنه قد يبدو من التطرف تقييم المسألة الإبداعية، ودفعها نحو هذا المسار المتعلق بالجانب المادي البحت، وقد تكون هذه الرؤية محقة في جانب ما، لكن الأكيد أن الأفكار الإبداعية مهما كانت عظيمة ستبقى أسيرة الأوراق إن لم تُطلق ليتلقفها الآخرون، وتشيع بينهم.

أجمل المؤلفات هي تلك التي تداولها الناس، وتحدثوا وبحثوا عنها، ولذا فإن مسألة مرتبطة بالكيفية التي تضمن انتقال هذه الأفكار لتصبح في المتناول، عبر النشر والسعر والقدرة الشرائية للقارئ المستهدف، كانت تستحق التفاتة من إدارة المعرض، ولو عبر حوار مفتوح أو جلسة نقاش واحدة، تزيل كثيرا من اللبس حول أسئلة تدور في فضاءات من محاولات البحث عن إجابات شافية، لكنها أسئلة تبقى هائمة، لأن المعنيين بها، مشغولون بأنشطة بروتوكولية لا تمس كل الأطراف بذات الدرجة من الاهتمام.