كثيرا ما تمر بمسامع متابعي كرة القدم عن قرب مفردة التدوير في التشكيل والضالعين في خفايا اللعبة يدركون مقصدها ومعناها.وتعرف ببساطة "على أنها التغيير في التشكيل الأساسي للفريق من مباراة لأخرى".
وسبب هذا التدوير إما منح الفرصة للجميع، أو تجنب إرهاق البعض واستنزاف طاقاتهم، وأحيانا للبحث عن أفضل توليفة تستطيع تقديم أفضل أداء مقرون بالنتائج.
لنجاح عملية التدوير لا بد من توفر بعض الشروط، التي بدونها لا يمكن لأي مدرب الحديث عن التدوير، أهمها توفر الزاد البشري والخامات الجيدة من اللاعبين بعدد يفوق منتصف المجمل، وهو ما يتوفر للنصر تقريبا.
ما يحدث للنصر منذ انطلاق الدور الثاني من هبوط في المستوى، هو أمر طبيعي قد يحدث لأي فريق في العالم.
لكن الغريب في هذا الهبوط توقيته فهو بعد تحضيرات الشتاء وفترة التوقف، بمعنى أنه لا يمكن الحديث عن فريق مرهق بدنيا ولياقيا وإن كان الإرهاق طال البعض من اللاعبين، وإن كنت أراه ذهنيا أكثر منه بدنيا.
فلاعبون مثل إبراهيم غالب ويحيى الشهري ومحمد السهلاوي وعبدالله العنزي طبيعي جدا أن تنخفض مستوياتهم جراء الضغط العصبي والنفسي الطويل، الذي عاشوه طوال الموسمين الماضي والحالي.
هم أكثر اللاعبين الذين قابلوا العتب من جماهيرهم لأنهم هم عمود الفريق الرئيس، ولأنهم أكثر من ظهر تراجعهم واضحا وجليا، ولأنهم أكثر من دار حولهم الجدل في وقت سابق بين نجومية مطلقة في المسابقات المحلية ومشاركة دولية محجوبة مع الأخضر، وهو السبب في شعورهم برغبة التحدي وإثبات الذات في فترات كثيرة صقلت إمكانياتهم، وجعلتهم قادة مؤثرين فنيا في فريقهم رغم صغر سن بعضهم نسبيا.
سياسة التدوير التي انتهجها داسيلفا، التي طالت بعضهم وتجاوزت البعض الآخر في اللقاء الآسيوي أمام بونيودكور، التي زادت من حدة النقد تجاه المدرب ولاعبيه بسبب نتيجتها، فهو حتى وإن كان يدرس إراحة اللاعبين كان عليه إراحة بعضهم في الدوري، حتى يتخلصوا من ضغط المباريات والبحث عن النتيجة.
فهو يلعب مع فرق الوسط والقاع، التي تستميت في الدفاع والخروج بشيء ينفع في زيادة الرصيد.
كان عليه تجهيز لاعبيه لمواجهات الوزن الثقيل، التي لا تحتاج لتحفيز إداري أو شرفي فالحدث وحده محفز كاف لنجوم بهذه القيمة.
داسيلفا لا يجب عليه إراحة اللاعبين في ذات التوقيت، والزج بهم مجددا مع بعضهم، عليه قراءة المنافسين ومراقبة أداء لاعبيه بدقة. وتحفيز البدلاء بشكل يجعل منهم قنابل جاهزة للانفجار في أي وقت.عليه أن يحافظ على النقاط بل أن يقاتل عليها بشراسة أكبر مع فرق الوسط والقاع، فما خسره حتى الآن لم يكن في حسبان الفقد حتى وهي كرة قدم لا تؤمن بمنطق وحسابات.
إن كان يريد زيارة منصات التتويج مع النصر كبطل وأن يخلد اسمه في ذاكرة الذهب الأصفر للفارس فعليه أن لا يخسر كثيرا خلال هذه الأيام.أما قاريا، صحيح أن الإدارة لا تفكر كثيرا في الإنجاز الآسيوي قبل ترسيخ عودة الفارس محليا لصولاته وجولاته وبطولاته، لكنه مهم جدا أيضا تعميق ثقافة الفوز في أي مكان وزمان وفي أي مشاركة، فالتاريخ يدون والأنصار يتوقون دائما للنصر.