وصف المؤرخ الفلسطيني الدكتور محمد غوشة المزاعم الإسرائيلية حول وجود ما يعرف بأنفاق الحشموئيين، تحت مبنى المسجد الأقصى المبارك، الذي أسهمت الحفريات الإسرائيلية في ضعضعة أساساته، بأنها مجرد أكاذيب، وقال خلال ندوة بمقر منظمة التعاون الإسلامي بجدة أول من أمس: "إن ما تم اكتشافه لا يعدو كونه أنفاقا حفرها الأمويون في سابق عهدهم، فضلا عن بعض الأنفاق الطبيعية".
وأوضح أن الفنون المعمارية الإسلامية للمسجد الأقصى المبارك تؤكد الملكية التاريخية للعرب والمسلمين له، وتفند المزاعم والأكاذيب الإسرائيلية، وقال: "المسجد يضم مبنيين، قبة الصخرة، والمسجد المسقوف، إضافة إلى الساحة المحيطة به، التي تصل مساحتها إلى 144 ألف متر". وقدم الدكتور غوشة المتخصص في فنون العمارة الإسلامية، سردا تاريخيا دقيقا وبالصور الفوتوجرافية والرسوم الهندسية لمبنى المسجد الأقصى ومسجد قبة الصخرة، الذي أوضح بأنه أقدم أثر إسلامي يحافظ على بنائه، إضافة إلى المباني المحيطة بالمسجدين. واستعرض سلسلة الانتهاكات الإسرائيلية منذ اليوم الأول الذي استولت فيه على المسجد الأقصى المبارك، إذ سارعت إلى هدم حارة المغاربة وأزالت من خلال ذلك 135 أثرا إسلاميا بعد الأسبوع الأول من الاحتلال وأقامت عوضا عنها ساحة خصصت للتباكي، فيما أطلق عليه الإسرائيليون، لاحقا، حائط المبكى، بدلا من حائط البراق وساحة البراق.
وقدم غوشة تعدادا تاريخيا للوفود العربية التي زارت القدس الشريف والمسجد الأقصى المبارك، على مدى السنوات التي سبقت الاحتلال الإسرائيلي، عقب حرب 5 يونيو 1967، التي سقطت القدس الشريف على إثرها في براثن الاحتلال الإسرائيلي.
وبيّن غوشة عدد الوفود بالصور لأمراء وشيوخ دول الخليج العربية، من الإمارات العربية المتحدة، وقطر والسعودية، والكويت، إضافة إلى وفد الملك محمد الخامس، ملك المملكة المغربية في خمسينات القرن الماضي، وغيرها من الوفود، ما يؤكد أن القدس كانت تشكل محطة مهمة للدول والحكومات العربية في ذلك الوقت، وقبيل الاحتلال الإسرائيلي لها.
وأشار غوشة إلى مناسبة حرق المسجد الأقصى في عام 1967، التي أكلت خلالها النيران منبر صلاح الدين الأيوبي، الذي شكل تحفة معمارية، لافتا إلى أن تلك المناسبة التاريخية كانت الفرصة السانحة لإنشاء منظمة المؤتمر الإسلامي ـ حين ذاك ـ التي أطلق عليها لاحقا اسم منظمة التعاون الإسلامي.
واسترسل غوشة في شرح للأبنية والقباب والمآذن والزخارف والقناطر والقاشانات والتيجان، وغيرها من النقوش الخزفية التي لا تكشف عن روعة الفن الإسلامي فحسب، بل توضح بجلاء الدلائل التي تثبت أحقية المسلمين في أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين.
وأوضح أن ثمة كثيرا من المباني التي أنشأتها عائلات فلسطينية في حرم المسجد، مثل مباني عائلة "رضوان" الغزّية، التي توضح أثرا فلسطينيا خالصا في الصرح الإسلامي الغني بإسهامات الحضارات الإسلامية المتعاقبة بدءا بالأمويين، ومرورا بالأيوبيين والفاطميين، والعثمانيين والعرب في فترات لاحقة.