الكتابة النسوية تظل مثار جدل دائم، ليس لهويتها الأجناسية، بل لخصوصيتها في معالجة مشكلات الواقع، وهوية ما يمكن أن يحمله النص من توصيفات يمتزج فيها الحسي مع الثقافي، والتاريخي مع السياسي. الروائية الأردنية كفى الزعبي حملت هموم هذه الكتابة البحث عن قارئ يدرك شفرات حمولتها الرمزية، مثلما يضع فعل القراءة بمستوى البحث عن المسكوت عنه في أنساق الأنوثة والذكورة والتطرف والهوية، وغيرها.

في معرض بيروت الدولي للكتاب عرضت هذه الروائية روايتيها(س) و(ليلى والثلج ولودميلا) الصادرتين عن دار التكوين/ بيروت/1014في ندوة على هامش المعرض وشارك فيها المترجم اسكندر حبش والروائية فاتن المر، إذ أثارت مقارباتها السردية أسئلة تخص توصيف الكتابة النسوية ونظرتها للعالم والأفكار والصراعات التي تخص الذات والوجود، فضلا عما تمثله من إرهاصات بطبيعة هذا الجنس السردي ومايمتاز به من تمثلات نفسية وحسية لها رؤيتها وقاموسها.

في رواية (س) تحمل الكاتبة شفرة المجهول بوصفه باعثا دلاليا للإثارة، ولوضع عالم المرأة أمام عقدة وجودها الرمزي، وخطورة ما تواجهه من أزمات تمسّ هويتها، وشخصياتها، ورؤيتها للزمان والمكان، بوصفها مكونات تتخفى خلفها رغبات مكبوتة وأحاسيس متوترة، وبوصفها أيضا مناطق اشتباك مفاهيمي، لاسيما من أصحاب النظرات الملتبسة والمتطرفة للحرية والجسد والأنوثة.

الرواية تلامس فكرة المجهول، مثلما تلامس فكرة الضعف الذي يتحول إلى مادة دسمة للقراءات المتعددة، تلك التي تتحول إلى مشغل لإنعاش سرديات التاريخ والجسد، والواقع الذي يتضخم كثيراً على حساب الوعي، إذ تتمثلها الكاتبة من منطلق أنها جوهر حياتها في العائلة والمطبخ والشارع، وفي العلاقة مع الآخرين، حتى بدت وكأنها تضع نفسها تماما في السياق الروائي دونما مخاتلة أو تهويل سردي، مثلما يبدو الواقع وكأنه الأكثر رعباً من التاريخ ذاته، لأنه واقع بلا حصانات، ومحشو بمظاهر الرعب الاجتماعي والنفسي والعنف والتطرف الديني، وأن فكرة الاغتراب التي تعيشها بطلتها تكمن في إحساسها بالخوف من تمدد هذا الواقع إليها، مقابل فقدانها القدرة على تحمل هذه الحياة النمطية والمكررة، تلك التي تبقيها عند حافة المجهول والقلق، والتي تتحول من خلالها بعض مظاهر حياتها في المكان إلى يوميات فاجعة، وإحساس بالخواء الداخلي، ذلك ما يقابل نظرة الرجل إليها في عالم مقطوع الدلالات، بوصفها الكائن الضعيف والهش والفاقد لهويته في الجندر الاجتماعي.

وفي رواية(ليلى والثلج ولودميلا) تنسج الكاتبة خيوط عالم تسكنه كائناتها الروائية(نساء، رجال، عرب، روس، شيوخ، شباب) وهم يعيشون لحظات الانهيارات الكبرى.