تبرهن أخطاء التحكيم محليا أننا نتعامل بخصوصيتنا عن كافة الدول، منقادين بأمر الميول إلى درجة التأليف والإصرار على الظلم والاتهام في الأمانة وحياكة المؤامرة.

والسيناريو يتكرر في مطاردة الحكام حين يحتدم التنافس بدءا من الدور الثاني في الدوري أو في الأدوار النهائية من كأس ولي العهد وكأس خادم الحرمين الشريفين.

وتتبارى الأندية الكبيرة جماهيريا وبطوليا بقيادة مسؤوليها والإعلاميين الموالين، للضغط على الحكام الذين يعيشون مقصلة التخويف والترهيب سنويا.

وبالتأكيد هم يقعون في أخطاء مزعجة وتغيير في النتائج، وهناك ما هو شبيه لها وأكثر خطرا في دوريات أخرى بما فيها الأوروبية ولكن دون ردة فعل قاسية وجارحة التي هي اختصاص سعودي.

والأكيد أيضا أن مشاكل التحكيم تتفاقم لدينا داخل منظومتنا التي تعج بالفوضى والمشاكل وسوء الظن، والإستمراء في الشتم والاتهامات، وبالتالي لا أحد يعرف من المذنب الأكبر؟!

ومما يضرب به المثل هذه الأيام وبسخونة عالية، إصرار كثير من النصراويين وبعض الإعلاميين على أن الكرة دخلت هدفا في مرمى الرائد ضمن منافسات الجولة الـ15 لدوري جميل، بينما هي "لم تدخل بكاملها" حسب نص القانون، حيث أجمع خبراء التحكيم - أحدهم غير سعودي – على أن الكرة لم تدخل المرمى بكاملها، وأرفق بعضهم صورا فوتوغرافية تدرس في كتاب قانون كرة القدم بوضع أربع كرات توضح متى تحسب الكرة هدفا، وذلك بأن يكون خط المرمى واضحا بجلاء دون أن تمسه الكرة البتة. وفي هذا الإطار تم تصحيح نص هذا البند من (كامل محيط الكرة) إلى (الكرة بكاملها). وحسب التوضيحات التي شرحها الخبراء ومن خلال الإعادة اتضح جليا صحة قرار مساعد الحكم ودقة مراقبته وتركيزه "بعدم احتسابها هدفا". أي أن الحكم المساعد يستحق الشكر على دقته وتركيزه، بدلا من اتهامه وتقريعه. وبالتأكيد أن النصروايين، مثل غيرهم، سيسجلون هذه الحادثة ويتغنون بها في كتاب الأخطاء التحكيمية التي باتت تنافسا خاصا بين الأندية الكبيرة، كل ناد يريد أن يثبت أنه الأكثر تضررا من التحكيم..!

وهنا لست نافيا وجود الأخطاء لكنني ضد المبالغة والتصيد والاتهامات وسوء الظن وترهيب الحكام، مع إدانة اللجنة في ضعف جوانب مهمة من عملها.

وفي هذا الصدد واكب المباراة التالية بين النصر والخليج أخطاء قوية ومؤثرة، إلى درجة سخرية المنافسين للنصر بـ"أول ركلة جزاء خارج المنطقة"!! وقع فيها الأكبر سنا عبدالرحمن العمري بإيعاز من مساعده رغم قربه جدا من الحادثة. ووقع في أخطاء (تقديرية) واكبها تصريح ناري وقوي جدا من رئيس الخليج فوزي الباشا الذي كان بليغا في نقده.

وهي مشابهة لأخطاء (تقديرية) من محمد القرني أثارت حفيظة النصراويين أمام الرائد، وأصبحت القرارات السليمة والخاطئة في ميزان "الظلم" لتضخيم حجم المشكلة.

وفي شأن آخر من مشاكل التحكيم لازال كثيرون غير قادرين على التفريق بين ركلة الجزاء التي باليد واشتراط (التعمد) والأخطاء التسعة الأخرى التي تخضع لتقدير الحكم وتمركزه وجرأته.

وهناك أخطاء تكون مثار جدل ومع ذلك يصر بعض الإعلاميون على موقفهم إما جهلا أو (تجهيلا)، ومن الأمثلة القوية جدا ركلة الجزاء الهلالية أمام الأهلي التي احتسبها تركي الخضير، ووافقه عليها إثنان من الخبراء الأربعة المشار إليهم في بداية المقال، وإثنان اعتبراها تمثيلا من نيفيز، وهنا يصبح الحكم بريئا من أي تهمة في ظل صعوبة الحالة واختلاف الخبراء عليها.

وفي مثال مختلف، فإن الحكم الأجنبي بمنأى عن أي تهمة أو نقد، وآخر الحالات ركلتي جزاء للأهلي أمام الهلال دون أن يواكبها صراخ وعويل واتهامات.

والأكيد أن زملاء إعلاميين وبعض رؤساء الأندية يجيدون رفع الصوت والتهويل والتهديد للضغط على الحكام السعوديين واستجلاب الفوز بأي طريقة ورمي الإخفاق على الغير وخدمة الميول دون مراعاة للأمانة والمصداقية وقول الحق.

*تمريرة تثقيفية: بعض الزملاء والمعلقين يقعون في خطأ شائع في عدد من الحالات، حينما يقولون: "ألغى الحكم هدفا"، بينما الأفضل والأصح: "لم يحتسب هدفا".