أحيت بيروت أمس الذكرى العاشرة لاغتيال رئيس الوزراء الأسبق، رفيق الحريري، بمشاركة نجله سعد، الذي وصل إلى بيروت للمشاركة في المهرجان الذي أقيم في البيال. وأشار سياسيون لبنانيون إلى أن ذكرى اغتيال الحريري تأتي هذه المرة في ظل ظروف معقدة يشهدها لبنان، في مقدمتها الشغور الرئاسي، حيث يعاني لبنان من عدم إجراء الانتخابات الرئاسية، بسبب تعنت حزب الله وفريق 8 آذار. إضافة إلى الظروف الإقليمية التي تمر بها المنطقة، مثل الخطر الذي يمثله تنظيم الدولة "داعش". وأشاروا إلى أن المصيبة التي حلت بلبنان عقب مقتل الحريري تكبر كل يوم في ظل غياب هذا "الرجل الكبير"، مؤكدين أنه "كان يملك الإرادة الصلبة وشبكة العلاقات الهائلة التي تستطيع أن تجد حلا للكثير من الأمور، وأن وجوده كان يشعر الجميع بالاطمئنان".
مصدر اطمئنان
بداية قال النائب محمد قباني في تصريح لـ "الوطن" "كنا دوما نشعر بالاطمئنان لوجوده، وعلى يقين أنه مهما حدث يستطيع أن يجد الحلول المنطقية، ويمنع الظلم عن شعب لبنان، وأن يضعه على خريطة العالم". وأضاف "المصيبة التي حلت بنا في زلزال اغتيال الحريري نراها كل يوم أكبر مما كانت. فالرجل أرسى بناء لبنان الحديث، ومدينته وعاصمته الجميلة بيروت، وأعاد لها رونقها ودورها، وهو أمر تراجع عنا بعد رحيله، لكن الأمل معقود اليوم على إكمال المسيرة بقيادة الرئيس سعد الحريري الذي أكد أكثر من مرة أنه سيتابع مشوار والده العظيم، وهذا ما يريحنا ويعطينا الثقة بأننا سنستعيد دور لبنان في دنيا العرب والعالم".
ومضى بالقول "الفقيد كان يريد أن يعطي لبنان استقلالا في الإرادة والقرار، كان يريد أن يخوض انتخابات نيابية تأتي بأكثرية لبنانية، حيث يستطيع أن يحكم بها ويحمل قرارها المستقل، وبالتالي هذا هو الخط الأحمر الذي يبدو أن الحريري أراد اجتيازه، فمنع من ذلك بالدم والشهادة".
نموذج مختلف
وبدوره، أكد الوزير السابق محمد عبد الحميد بيضون أن الحريري "لم يستشهد لدوافع شخصية، بل لأسباب متعلقة بمستقبل لبنان، ويجب استكمال الطريق الذي بدأه حتى نصل إلى لبنان مستقل، مستقر، مزدهر، ومتقدم وحديث". وقال "الهدف الأساس لاغتياله ليس فقط لاستمرار الوصاية على لبنان، بل إن الحريري كان يمثل ثورة تغيير ليس فقط في لبنان، إنما على مستوى المنطقة بأكملها، لأنه كان نموذجا مخالفا لما يحصل في المنطقة. وما كان موجودا من قبل هو أنظمة متحجرة ومتكلفة ومستبدة، وفي الوقت عينه هناك تياران يواجهان هذه الأنظمة، الأول هو التيار الجهادي، والثاني هو تيار التحديث والتقدم الذي يمثله رفيق الحريري، فالهدف من وراء اغتياله الدفاع عن الأنظمة المتحجرة وانتصار لنموذج بن لادن على نموذج التقدم والحداثة".
وتوجه بيضون بنداء في هذه الذكرى إلى تيار 14 آذار، داعيا إياه إلى "الحفاظ على إرث الحريري، حتى تبقى وتستمر على مشروع التغيير، وأن لا تقع في فخ المحاصصة والألاعيب المذهبية".
ورأى أن "الأمانة التي يحملها التيار هي تغير الوضع في لبنان بعد أن انتقل من وصاية إلى أخرى من النظام الأمني إلى نظام الميليشيات، ورسالة رفيق الحريري هي إسقاط هذا الوضع، والعودة إلى حكم الدولة والمؤسسات".
مشروع متكامل
من جانبه، رأى منسق الأمانة العامة لقوى 14 آذار النائب فارس سعيد أن إزاحة الحريري كانت هدفا لاستكمال ما يسمى بـ "الهلال الشيعي". وقال "هناك أسباب عدة أدت إلى اغتياله، فإضافة إلى الاشتباك السياسي بينه وبين السوريين آنذاك، كان يمثل مشروعا وطنيا لبنانيا وعربيا كاملا، في مواجهة المشروع الإيراني في لبنان والمنطقة".
وأبدى سعيد أمله في عدم وصول الأمور في لبنان إلى فتنة بين السنة والشيعة، وأن يبقى لبنان مستقرا من دون العودة إلى الحرب الأهلية.