العُرف القبلي ناموس حياة متواز مع الشريعة، وكان شيخ القبيلة ذا مكانة اجتماعية تسهم في رأب الصدع السلوكي الاجتماعي، وتردع أي شخص خارج عن السياق بقوانين "عرفية" حاسمة، ثم تراجع دور شيخ القبيلة حتى أصبح يسدد ويقارب ويتكئ على لملمة أوراق القبيلة بشيء من الحذر، بل بسلبية لافتة وصمت عن هنات وهفوات البعض وكأن الأمر لا يعنيه.
الآن وفي هذه المرحلة أصبح شيخ القبيلة مطالبا بدور فاعل، ومطالبا ببناء حاجز الدفاع الأمني الأولي لمنح الوطن المزيد من الحصانة ضد متسللي الحدود من البر والبحر، واحتواء أبناء القبيلة قبل "الدعششة"، ومطالبا بوضع ضوابط للمناسبات الاجتماعية التي تصل أحيانا إلى درجة المجاهرة بالمعصية، والمزج بين تقنية الحاضر وعوائد الماضي الجميل، أيضا نواب القبائل يجب أن يكون لهم دور فاعل.
الإسراف في المناسبات من أسوأ المظاهر الاجتماعية، وهياط احتفالات القبائل بتخرج أبنائهم خارج عن النص بكل ما يصاحب ذلك من وفود وشعراء وقنوات فضائية ومدح للقبيلة مبالغ فيه للأسف وكأنهم على مشارف استعادة "القدس". حتى الموت لم يعد خير واعظ ورادع ففيه تجد الولائم والأكلات الشعبية وزخرف القول والغياب عن واجب الدوام من أجل سنة العزاء، وتجمعات ما أنزل الله بها من سلطان، وهذه النقطة بحاجة لتدخل مشايخ القبائل، فقد سارعت بعض القبائل وبعض القرى في تقنين الوضع وآخرها أهل شعب "بني رزام" الذين قرروا أن يكون العزاء من الثانية ظهرا إلى أذان العشاء وبالتالي لا يوجد تكاليف ولا غياب عن العمل ولا تجمعات "سوالف"، ومن هذه النقطة التصحيحية يجب أن ينطلق شيخ القبيلة لتعميم الفكرة، ويكون هو أول الملتزمين بها.