الشيخ "حمد الجاسر" علامة الجزيرة العربية بجدارة ما دوّن من تاريخها وجمع من أسماء معالمها ومدنها وقراها، أسس لصحافتها "اليمامة.. الرياض.. العرب". مارس القضاء والتعليم. جاب الأقطار. تردد على مكتباتها للبحث والتنقيب، وتحقيق المخطوطات.
قال الشعر في مراحل صباه وشبابه، لكنه ندم بعد ذلك وتمنى لو أن ما نظمه ذهب إلى المجهول.
بكتابه رحلات بالوطن العربي ص 45-46-47 أورد تحت عنوان "أردت ستره ولكن!"، عن قصائد نشرها في صحيفتي "أم القرى، صوت الحجاز" تحدث عنها الدكتور "منصور الحازمي"، وقصيدة لامية بمدح الشيخ "تركي أحمد السديري" أمير عسير 1352-1370 عثرت عليها بين أوراق والدي أرسلتها إليه عام 1419 وقت إعداده الكتاب. تمنى أنه لم يرها. لكنه أوردها معلنا تبرؤه من هذا النظم البعيد عن الشعر كما عرفته الجاهلية وصدر الإسلام والعصر الحديث.
يقول هذا وهو الضليع باللغة الفصحى الملم بتراثنا العربي. فما بال الآخرين الذين أصدروا آلاف الدواوين الشعرية. لا طعم لها ولا لون ولا رائحة. يعتلون المنابر. يتصدرون المجالس، ويزعمون أنهم شعراء بوزن "الجواهري ونزار قباني والبردوني" وأمثالهم.
كان الأحرى بهؤلاء الأدعياء أن يدفنوا غثاءهم ويريحوا ويستريحوا. أعني بهم النظامين المتكلفين همهم ضبط القوافي دون معنى أو مبنى، والحداثيين الرمزيين قلدوا الغربيين حذو القذة بالقذة. كان نتاجهم ألغازا لا تدرك لها مغزى تتجرعه ولا تكاد تسيغه، ألفاظا فجة غير منضبطة لا بوزن ولا ذائقة شعرية.
ليت الفئتين تدركان أن الشعر شعور متدفق من أحاسيس صادقة، يظل على أمد الدهر تردده الأجيال، وتعجب بقائليه كأصحاب المعلقات وجرير وأبي تمام والفرزدق وأبي الطيب وأضرابهم.