تصدر الضرب على منطقة "القفا" أو الرقبة من الخلف عقوبات المعلمين لطلابهم في مراحل التعليم العام، وكان طلبة الابتدائية الأكثر نصيبا يليهم طلاب المتوسطة والثانوية، وفق ما كشفته مصادر مطلعة في وزارة التعليم لـ"الوطن".
وأشارت المصادر إلى أن هذه المعلومات أظهرتها بيانات أولية تم جمعها من نتائج دراسات ميدانية ومن قضايا شاغلي الوظائف التعليمية.
وأكدت المصادر أنه على الرغم من أن العقاب الجسدي "الضرب" ممنوع نظاما في مدارس المملكة، لأنه لا يساعد على تنمية العملية التعليمية إلا أن بعض المعلمين والمعلمات ما زالوا يخترقون هذا النظام.
وقالت المصادر: "إن التجاوزات الحاصلة في عقاب الطلاب والطالبات بالضرب الجسدي غير المبرر تعد تعنيفا في المقام الأول، وأن استمرار الضرب في المدارس يعود بسبب التجاوزات الحاصلة من بعض القائمين على التدريس وجهلهم بتداعياتها السلبية على مسيرة العملية التعليمية".
واعترفت المصادر بأن عقوبات مخالفي أنظمة الوزارة في العقاب الجسدي لم تعد رادعة إلا في حالات محددة لعمليات ضرب سابقة تم التشهير بها في مواقع التواصل، لرغبة كثير من أولياء أمور الطلبة عدم التقدم بشكوى رسمية لإدارات التعليم.
وشددت المصادر على دور التوعية المتوازي للمعلمين (من الجنسين)، وأولياء الأمور، ففي الأولى ضرورة إخضاع من تثبت إدانتهم بالضرب الجسدي غير المبرر إلى دورات تأهيلية متخصصة في جانب التهيئة النفسية والاجتماعية وأهميتها للطلبة في العملية التعليمية، وفي جانب أولياء الأمور ضرورة تعريفهم بحقوق أبنائهم وعدم الصمت على ضرب أبنائهم والشكوى للإدارات المتخصصة في التعليم، إذ لوحظ أن عددا غير قليل من الأولياء يفضلون عدم الشكوى لاعتقاد بعضهم أن ذلك جزء من أساس التربية، فيما آخرون يفضلون عدم تصعيد المشكلات وحلها على مستوى المدرسة.
إلى ذلك، أوضح المتخصص في تنمية الموهوبين علي عفيف أن أسوأ عنصرين في العملية التعليمية في المدارس "الضرب الجسدي والصراخ العالي"، وقال: "التركيز على ضرب القفا في المرحلة الابتدائية يدل على اهتزاز ثقة المعلم الذي يقوم بهذا الأمر، إضافة إلى أنه لا يملك وسائل في التعليم والتواصل، والعقاب ليس وسيلة من وسائل التربية".
واستند ابن عفيف الذي يدير أكاديمية أثر لتنمية المواهب إلى دراسة مقارنة حديثة أشير فيها إلى أن الطلبة العرب عموما يفوقون الطلبة الأوروبيين ما قبل الالتحاق بالصف الدراسي، ويمتازون بالذكاء والمهارات الحيوية إلا أن النسبة تتغير لمصلحة الأوروبيين بعد الالتحاق بالصفوف الدراسية.
وقال ابن عفيف: "القيم والمواهب تتشكل وتنضج ما بين 5 إلى 9 سنوات، أي الصف الثالث ابتدائي، فالأمور الإيجابية أو السلبية تصنع الحياة المستقبلية للطالب أو الطالبة، بحسب ما تم غرسه في البيئة المدرسية".
ودعا إلى ضرورة الاستفادة من بعض التجارب الغربية في تخصيص معلمين للصفوف الابتدائية الثلاثة المبكرة، ويحمل المعلم شهادات عليا في طرق التدريس، إضافة إلى خبرته الطويلة في هذا المجال، وأن يكون رب أسرة ولديه أطفال.
يذكر أن المادة الـ57 من القواعد التنظيمية لمدارس التعليم العام الصادرة من وزارة التربية والتعليم في عام 1420 نصت على أنه لا تجوز معاقبة الطالب بالضرب ولا بأي نوع من العقوبات البدنية أو النفسية، كما أكدت قواعد تنظيم السلوك والمواظبة في طبعتها الثانية عام 1427-1428 في المادة رقم 25 من الأحكام العامة للسلوك على ضرورة تجنب الممارسات غير التربوية التي لها أثر سلبي في الطالب وتحصيله الدراسي ومنها الإيذاء الجسدي والنفسي.