دعونا نغمض أعيننا، ونعود إلى الوراء طويلا، ونتذكر أول باب كبير للطرب والشهرة، قبل ثلاثين عاما أو أكثر، من خلال برنامج بسيط جدا، بديكور بسيط جدا، على قناة بسيطة جدا، هي القناة السعودية الأولى، وأعني برنامج "ليلة سعودية".

هذا البرنامج البسيط، كان يُقدّم في أستوديو في غاية البساطة، على شكل مجلس عربي، يصطف فيه جلوسا، فنانون شباب، في غاية الجمال والعذوبة الصوتية، تأتي أسماؤهم الواعدة هكذا: علي عبدالكريم، محمد عمر، رابح صقر، حيدر فكري، ناصر الصالح، و.. و.. و..، متوسطا أصواتهم المستقبلية، فنان بضخامة صوت الأرض طلال مداح، رحمه الله، يجانبه من اليسار مقدما الجلسات: المذيع اللامع جاسم العثمان، والنجم التمثيلي اللامع أيضا بكر الشدي، رحمه الله.

تلك الليالي السعودية، التي أُذيعت على حلقات متتالية، قدمت للأغنية السعودية أصواتا فنية في غاية العذوبة، وقدمت فنا طربيا في غاية الإبداع والإمتاع، حتى أصبحت معظم أغانيها ملء ذاكرتنا السمعية والوجدانية، حتى هذا اليوم الذي نُغمض فيه أعيننا ونتذكر.

كنت أتذكر تلك الليالي الجميلة، وأتساءل: أين أغانينا الطربية الآن من برامج مثل برنامج "ليلة سعودية" الذي ما زالت أرقام مشاهدات حلقاته على اليوتيوب في تصاعد مستمر.

استثناء واحد ووحيد رأيت أنه الآن يعيد لنا شيئا من ضوء وصوت تلك الليالي الفنية الجميلة، وهو ما بثته قناة الريان من جلسات فنية تعرف بجلسات صوت الريان، وهي تتقاطع مع الليالي السعودية، في أنها تقدم أصواتا فنية جميلة، وتختلف معها في أن دائرتها الانتقائية للأصوات أوسع، إذ تقدم أصواتا من دول خليجية عدة، دائرتها الطرب، وقاسمها المشترك الجمال.